خربشة ومغزى

“الفرس واليهود والغرب .. تخادم تاريخ يتحدث”

أحمد بن عبدالله الحسين

عنوان ستحمله بضع مقالات قادمة اختصار لما أحاط فلسطين تاريخيًا مع الفرس واليهود والغرب. طرح قد يؤول أنه له امتداد لا ينفك عن مجريات أيامنا. تناول المواضيع هذه يبتعد عن تمايلات السياسة ومحاورها وتحريضاتها وخياناتها فهذا شأن له مساره وبحثه المستقل.

وهذا العرض هو محاولة لما غلب من فهم لا إدعاء إحاطة لبواطن الامور وما لا يتكشف للباحث والقارئ المتابع. والتالي هو المقال الأول:

“فلسطين في ظل علاقة اليهود بالفرس ما قبل الإسلام “

مقدمة
الفرس واليهود في فلسطين .. تاريخ ما قبل الإسلام هو عنوان لماضي بعيد، وسرديته تدفع للتأمل وفهم جذور ترابط العلاقات والتخادم بينها. والتاريخ له أهميته في الذاكرة الجمعية، ولطالما توالد تكرار له عابر الأزمان يصل رنين صداه للحاضر. ذاك الرنين التاريخي له مماحكات عند المحلل والراصد الفطن إذا تكشفت له تشابكات مصالح بين الأطراف.
قيل إن الحاضر امتداد الماضي، ومن لا يتعظ بالماضي قد يقع في معاودة أخطاء ممتدة لزمانه. بالطبع هذه ليست قاعدة كلية شمولية، إنما التاريخ ممكن أن يعود ويترك بواقي حيَة في الأذهان. والأمثل حين تنضج قيم البشرية الإنسانية ليتم تجاوز الماضي بحاضر منفتح على المستقبل بعيدا عن الاسترجاع.

ولهذه المقالات يلزم التنويه أن اختيار العنوان لزمن قديم هدفه ليس استبدالا لما تمرحل تاريخيا لنوازل فلسطين سواء من الحملات الصليبية أو المؤمرات الاستعمارية الغربية، أو كذلك ما دفعت به الصهيونية العالمية وجرائمها الإنسانية التي امتد فحيحها لزماننا.
وأمر آخر هنالك من اليهود من ليسوا مع عقيدة الصهيونية ويطلبون العيش بسلام دونما كيان مغتصب. كما أنه لا تعميم على كافة شعوب الفُرْس أو شعوب الغرب ففيهم من لا يرضى الظلم ولا يتماشى مع ساستهم ودهاقنتهم قديما وحديثا.

وإلى حديث مقالنا
الذي يبدأ بالتمهيد طال أرض فلسطين، وهي عبر التاريخ التفصيل عنها يطول، حيث لها تجذر معرفي عند الباحثين وضمتها مدونات منذ الألف الثالثة قبل الميلاد واسمها أرض كنعان، وهم عرب هاجروا من الجزيرة العربية وبنوا أريحا وأسدود وعكا وغزة، وامتدادهم من نهر العاصي شمالاً حتى العريش في مصر. أحد معاني كنعان الأرض المنخفضة (الكانعة).

وللاختصار نقول إن فلسطين ارتسم مفهومها الجغرافي في عصرنا الحالي منذ عام 1917م أي بعد احتلال بريطانيا والحرب العالمية الأولى. حينها كانت فلسطين جزءا مما يُعرف بالشام، وكان اسم فلسطين يضم أجزاء من فلسطين الحالية الساحلية. أما اسم الشام فقد أطلقه العرب منذ القرن الرابع ميلادي، بينما الإغريق والرومان قديما أطلقوا على بلاد الشام “سورية” وهذا الاسم مأخوذ من لفظة “Assyria” أي “آشور”حينما كانت الشام خاضعة للدولة الآشورية التى مركزها شمال العراق.
ومزيد ذكر لذلك هو ما دونه أيضا ياقوت الحموي المُتوفي عام 1229م في كتابه معجم البلدان:
إن فلسطين هي آخر كور الشام من ناحية مصر، قصبتها بيت المقدس، ومن أشهر مدنها عسقلان، والرملة، وغزة، وقيسارية، ونابلس، وبيت جبرين. وقد عُرفت فلسطين باسم “جند فلسطين” أثناء التقسيمات الإدارية للدولة الإسلامية، ومنذ تلك الفترة وفلسطين تحمل هذا الاسم.

فلسطين
تاريخيا منذ ما قبل ميلاد المسيح تكونت فيها علاقه قديمة ونفعية بين اليهود والفُرْس، مكنت هذه العلاقة اليهود لاحقا فيما بعد عهد ظهور المسيح من استغلال الحكم الفارسي لاضطهاد المسيحيين خصوصا في فلسطين.

اليهود
في مفهومهم التراثي يحملون اعتقادا بأن خلاصهم يتأتى من الجانب الفارسي. ومفهوم الخلاص اليهودي على يدي الفُرْس قد وضِعت فكرته في العهد الفارسي ما بين عام 539و 333ق.م أي قبل ظهور المسيح بقرون، وفيها تبلورت فكرة الخلاص عند اليهود تحت ثلاثة دعائم:
أولها 
ما فعله الفُرْس قديما وذلك بإعادة اليهود المنفيين في بابل إلى أورشليم والمقيمين هناك، بعد تدمير الهيكل على أيدي البابليين سنة 586ق.م والتي أمر الفُرْس بإعادة بنائه وإنشاء مقاطعة يهودية في أجزاء من فلسطين باسم يِهود. التاريخ المروي هذا مرجعه التاريخي التوراة. وعند بعض المؤرخين النقاد هناك جدلية وفيها أن مسمى مقاطعة يهودية في فلسطين هي محض خيال ومجهولة المعالم والجغرافية.

ملاحظة
أورشليم: هنالك تنوع آراء عند بعض الباحثين عن تحديد جغرافيتها وماذا يخص مسماها.
الهيكل: هو المعبد الأول يُنسب بنيانه لنبي الله سليمان ولم يثبت تحديده آثاريا أو انثروبولوجيا.

المرتكز الثاني 
ما فعله كتبة التوراة ومحرروها حيث شكلوا صورة زاهية للأسياد واولياء النعمة الفُرْس، وذلك بتبيين فضل الفُرْس مثلاً؛
حينما يُذكر عندهم كورش مؤسس الدولة الأخمينية الفارسيه يقولوا إنه بطل، وأن خلاص اليهود كان على يديه. بل بعضهم وصل به الأمر في التراث اليهودي ان يرفعه الى مرتبة الأنبياء العظام.

وأخيرا.. الأمر الثالث:
إن اليهود يدركون أن فكرة الخلاص اليهودي لابد فيها من اللجوء إلى قوة كبرى للوصول إلى أهدافهم. وأن القوى الكبرى هذه تُمهد لهم الطريق معبَّدا بجثث المغاير أي الأمم والديانات الأخرى، أيًا كانت حتى التي لا يريدونها فكانت دولة الفُرْس آنذاك هي مبتغى اليهود، والفُرْس تماشوا معهم لمصالحهم.

اليهود آنذاك
في ظل حكم الدولة الفارسية استغلوا سمة التنافس بين الروم والفُرْس فأذاقوا المسيحيين الأذى في فلسطين. ومعلوم تاريخيا أن الإمبراطورية الرومانية وخاصة الشرقية منها وتسمى البيزنطة، حينما تحولت إلى المسيحية في عهد الإمبراطور قسطنطين أثناء فترة حكمه الذي دام من 306 إلى 337م. تلك الأزمنة دارت حروب بين الإمبراطوريتين الفارسية والبيزنطية على النفوذ والأطماع ومنها فلسطين. فكان لليهود استئثار فرصة تفريغ أحقادهم على المسيحيين بالتواطؤ مع الفُرْس أو العمل تحت حمايتهم. فماذا تم تابع لتكملة المقال السبت القادم بإذن الله.

رد واحد على ““الفرس واليهود والغرب .. تخادم تاريخ يتحدث””

  1. يقول ali quraisha:

    معلومه جديده واتطلع للمتابعه جزاك الله خير ابوعبدالله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *