الرأي

مركز الملك سلمان للإغاثة: نضج العمل السعودي الإنساني

حنان الحمد

كاتبة وباحثة في مجال الاستشارات التربوية والتميز المؤسسي

ست سنوات مرت على تأسيس مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، ليكون مركزاً دولياً مخصصاً للأعمال الإغاثية والإنسانية في مايو عام 2015م، ولا تزال أياديه الخضراء بلمستها الحانية تترك أثرا لا ينسى في كل يوم في معظم أصقاع الأرض ابتداء من جيران سعوديتنا العظمى إلى أبعد نقطة يمكنها أن تصل إليه لمساعدة الإنسان بغض النظر عن دينه أو جنسه أو لونه أو أين يكون ومن يكون.

لقد اتخذ مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف منطلقاً، ملبيا واجب إغاثة الملهوف ومساعدة المحتاج والمحافظة على​حياة الإنسان وكرامته وصحته، امتدادا للدور الإنساني للمملكة العربية السعودية ورسالتها العالمية في هذا المجال.

مركز الملك سلمان امتداد وليس بداية

يشهد تاريخ المملكة العربية السعودية بأنها كانت ولا تزال باذلة للخير للداني والقاصي دون تمييز دون أن تُتبعه منا ولا أذى ، فكانت تقدم المساعدات للجميع دون طلب، وإن طلبوها أغدقت عليهم، ولسان حالها يقول هذا فضل الله علينا نوسع به على غيرنا، فكانت المساعدات إما على شكل هبات مالية أو مساعدات عينية لدول، تحت مسمى شقيقة بالجوار أو اللسان أو الدين، أو دول تشترك معنا بالإنسانية والإنسانية فقط، أو ديون ميسرة غالبا لا تُسترد، وهكذا اعتاد العالم كرم سعوديتنا العظمى، فكانت تُنظم الحملات بأوامر ملكية كريمة لجمع التبرعات لدول تمر في ظرف حرب أو كارثة طبيعية وغيرها، تكون القيادة برموزها على رأس المتبرعين وتتشارك مع شعبها أجرا عظيما ابتغاء مرضاة الله.

جاء مركز الملك سلمان ليمثل مرحلة نضج لهذا التاريخ السعودي الإنساني في المحافظة على ​حياة الإنسان وكرامته وصحته، وامتداداً للدور الإنساني للمملكة العربية السعودية ورسالتها العالمية في هذا المجال، بعيدا عن أي مواقف سياسية للدول المستفيدة من المساعدات؛ لأن الإنسان أولا.

تم الإعلان عن تأسيس المركز المخصص للإغاثة والأعمال الإنسانية كمركز دولي رائداً لإغاثة المجتمعات التي تُعاني من الكوارث، بهدف مساعدتها ورفع معاناتها، لتعيش حياة كريمة، وفق المرتكزات التالية:

· مواصلة نهج المملكة في مد يد العون للمحتاجين في العالم.

· تقديم المساعدات بعيداً عن أي دوافع غير إنسانية.

· التنسيق والتشاور مع المنظمات والهيئات العالمية الموثوقة.

· تطبيق جميع المعايير الدولية المتبعة في البرامج الإغاثية.

· توحيد الجهود بين الجهات المعنية بأعمال الإغاثة في المملكة.

· احترافية وكفاءة العاملين في المركز والمتطوعين.

· ضمان وصول المساعدات لمستحقيها وألا تُستغل لأغراض أخرى.

· أن تتوافر في المساعدات، الجودة العالية وموثوقية المصدر.

التأمل في المرتكزات التي ينطلق منها المركز يوضح نضج العمل السعودي الإنساني، الذي انتقل من العمل القائم على الاجتهادات المتأثرة بالأحداث الآنية إلى عمل مؤسسي منتظم، له رؤية ورسالة وأهداف ومؤشرات وفئات مستهدفة وآلية عمل واضحة جدا لها مسار محدد يتسم بالموثوقية والتكامل والجودة في تقديم الخدمات من خلال عاملين أكفاء.

النقلة النوعية للمساعدات السعودية وفهم الآخر

لعل هذه النقلة النوعية في تقديم المساعدات السعودية وفق عمل مؤسسي محوكم شق فهمه على دول وجهات كثيرة – كانت مستفيدة من الآلية السابقة لتقديم المساعدات، مستغلة ثغرات جعلت المساعدات لا تصل إلى مستحقيها في أحيان كثيرة ولا تحقق أهدافها – فشكل المركز صدمة لهم حيث كانوا يعتبرون المساعدات حقاً مكتسباً ثابتاً، ولم يستوعبوا فقدها في يوم من الأيام نتيجة تطبيق العمل المؤسسي في المساعدات الإنسانية التي تقدمها السعودية؛ ولذا كان أحد أهم مرتكزات مركز سلمان: “ضمان وصول المساعدات لمستحقيها وألا تُستغل لأغراض أخرى”.

نموذج إنساني عالمي

تحية تقدير وإجلال لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذي لمع نجمه في ست سنوات – والتي تعتبر مدة قصيرة في عمر المنظمات – ليكون في طليعة العمل الإنساني المؤسسي العالمي وليتربع على عرشها؛ حيث تفرد بأن جعل الإنسان أولا دون أي اعتبارات أخرى.

الأمل يحدونا قيادة وشعباً أن يكون تنظيم هذا العمل الإنساني المؤسسي – لجهود سعودية إنسانية مر عليها عقود – أنموذجا يحتذى للعمل الإنساني عالميا، إنه نافذتنا المحلية نحو العالم لتقديم المساعدات بعيدا عن منظمات مشبوهة، فالأيادي السعودية الخضراء تستحق أن تصل إلى مستحقيها، فجولة قصيرة في متجر المركز “https://donate.ksrelief.org/” تعكس كيف يحمي المركز السعوديين من الوقوع في براثن النصب أو دعم منظمات مشبوهة أو هدر المال على من لا يستحق، وذلك بتوفير منتجات متنوعة وثرية بكل شفافية، فقد بلغ – عند كتابة هذا المقال – حجم التبرعات في المتجر “27,742,25مليون ريال سعودي”.

مفخرة سعودية

حق لنا شعب طويق أن نباهي بسعوديتنا العظمى تحت قيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – أيده الله – وساعده الأيمن ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان – وفقه الله – في وضع بصمتهم الخضراء فوق كل أرض وتحت كل سماء وأن نقتدي بهم في هذا.

تميز رمضان 1442هـ بأنه عام العطاء في السعودية بامتياز، وشهد انطلاقة منصات كثيرة للعمل الخيري الموجه للداخل؛ ولكن يظل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية شمساً ساطعة، تعكس هذا الكرم السعودي في كل أصقاع الأرض.

رد واحد على “مركز الملك سلمان للإغاثة: نضج العمل السعودي الإنساني”

  1. يقول أ د . محمد اللحيدان:

    كعادتك أستاذة حنان ،، طرح رائع وعرض متميز ، بجمع المعاني بكلمات موجزة ، وفقك الله وجعلك ذخرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *