خربشة ومغزى

“خالد محمد الفرج .. شاعر الخليج”

أحمد بن عبدالله الحسين

شاعر الخليج خالد محمد الفرج وقد كتبت عنه من قبل. وهو شاعر غزير المعرفة، وأديب تنوعت مواهبه، رحل بين البلدان، ونال إلماما وبلغ الصيت حتى إِرْتصفتْ له سبل فرائد أثرى بها.
ففي الهند عاصر ثورة على الظلم الاستعماري، ونظم في المهاتما غاندي قصيدة هي بواكير شعره، وبالكويت والبحرين غرز في الحركة الأدبية وتنسم عوالي التصنيف فيها. كذلك امتدت تنقلاته إلى العراق وسوريا ولبنان ومصر انتضى الأخبار وتفاعل مع الأحوال.
أما المملكة العربية السعودية فكانت ميناؤه الذي أرسى بها معارفه وتميزاته. فكانت الموطن له، واحتضنت غالب سني عمره. حدث له تماس بالإرث الأدبي والثقافي في القطيف والأحساء وغيرها من مناطق فأعطى وأخذ، وذاع صيته لما تشرب من شغف، فدَرَّ قلمه عديد تآليف ومقالات تسرب صداها مسموعا مذكورا.

الفرج
تعلق بسيرة الملك عبدالعزيز؛ حيث شاهد صنائعه وملحمته، أرشف فيها ما كتب ونال قيمة الباحثين والمهتمين عن المملكة وتوحيدها. الفرج بَزَّ أقرانه وسماه بعضهم شاعر الخليج لغزير نتاجه وتوقد قريحته وفصاحته.

من هو الفرج؟
هو خالد بن محمد بن فرج المسعري الدوسري؛ حيث توطن أجداده وادي الدواسر، وهو مولود في الكويت عام 1898م. تعلم في صباه بالهند؛ حيث يقيم أباه، رجع بعدها إلى الكويت عام 1908م ليكمل درسه في علوم اللغة والفقه، ثم تابع تحصيله وكسب خبرته في بيروت والبحرين والقطيف والبصرة. أما مصر فقد نشر عدة مقالات بجريدة الأخبار المصرية عن ممارسات الإنكليز في الخليج العربي.

الفرج ومؤسس المملكة
الفرج التقى الملك عبدالعزيز عام 1927م، وقد كلفه بتأسيس وتولي بلدية القطيف؛ حيث وجد بتلك الواحة شغف نفسه في بعض موروثها الأدبي والثقافي ، فكتب قصائد عدة ونشر كتابه “أحسن القصص” عام 1931م الذي يضم قرابة 511 بيتا من الشعر، فيها حكاية سيرة الملك عبدالعزيز وصنائعه التي أدخلته التاريخ من أوسع أبوابه.

ديوان خالد الفرج
اشتمل قصائد في السيرة النبوية وتاريخ آل سعود وذكر فيها ما تفاعل عنده أحوال ما تعيشه الدول العربية.

“الخبر والعيان في تاريخ نجد”
وهو مميز وثري بين مؤلفات الفرج، ضمنه تاريخ نجد مدّ بعضه إلى عُمان وقطر والبحرين والكويت والزبير والمنتفق والحجاز واليمن وعسير، واحتفى كذلك بذكر تراجم شخصيات من الأدباء والعلماء.

الفرج وأحمد شوقي
كان للفرج مع أمير الشعراء أحمد شوقي معاصرة ومحاورة، ففي عام 1927م خاطب الفرج شوقي شعرا بمناسبة تتويجه بأمير الشعراء. فقام هو وغيره من الشعراء والاُدباء والأعيان بمبادرة، وهي هدية احتفاء وتكريم من النادي الأدبي بمحرق البحرين لأحمد شوقي. تلك الهدية النفيسة تم إرسالها إليه، مجسم نخلة من الذهب، واللؤلؤ البحريني الشهير ثمرها. والفرج تغنى بشاعرية شوقي قائلا:
ومنك (شوقي) وحسبي باسمهِ وكفى
مدحا فبرهان نور الشمسِ مفهومُ
إن كان يا مصر في واديكِ منشؤهُ
فرحهُ مُلئتْ منها الأقاليمُ
(شوقي) بربك كيف الشعر تنظمُهُ
عفواً، وغيرُك بالإجهاد محرومُ
تأتيَ إليك القوافي وهي خاضعةٌ
لديك حتى كأن الصعب مزمومُ

فرد شوقي شاكرا بهذا التكريم قائلا:
قلدتنا الملوك من لؤلؤ
البحرين آلاءَها ومن مرجانِهْ
نخلةٌ لا تزالُ في الشرق معنى
من بداوته ومن عمرانِهْ
ولولا منار الحق يهدي إلى الهدى
فاتح الغرب من بني مروانِهْ

قصائد الفرج
تناولت كذلك الشأن السياسي والدولي وكان ناقدا جسورا، وفلسطين لها في أشعاره نصيبا
فهذه بعض أبيات مخاطبا مجلس الأمن:
يا مجلس الأمن بل هيئة الأمم
ماذا التلاعب بالألفاظ والكلم
هل العدالة سلب المرء موطنه
والأمن هل هو في التقتيل والنقم
وَيَا أطالس هل في أطْالسِيِّكُمُ
حريةُ البغي ام حرية الحرَمِ

خير الدين الزركلي المُتوفى عام 1976م
وهو مؤرخ وصاحب تراجم قال عن الفرج وكتابه “أحسن القصص”، كتبها بأسلوب عصري لطيف.

الزركلي استفاد في كتابيه “الوجيز في سيرة الملك عبدالعزيز” وكذلك كتابه “الأعلام من مخطوط كتاب الفرج الخبر والعيان”.
هكذا كان العَلَم خالد محمد الفرج، تفرد في زمانه تاركا أثرا وخبرا تخلد فيه ذكره، ووافاه الأجل في لبنان عام 1954م .ورثاه الكثيرون منهم العلامة المؤرخ حمد الجاسر في مجلة اليمامة عام 1954م متناولا سيرته ومؤلفاته وشعره.

ختاما
لا أنسى شكر السيدة الفاضلة شيخه بنت الشاعر خالد الفرج، وهي والدة رجل الأعمال الصديق الأريب خالد بن محمد آل زرعه – أطال الله عُمرها بعافيه وسعادة – إذ أهدتني كتاب والدها الخبر والعيان.

4 ردود على ““خالد محمد الفرج .. شاعر الخليج””

  1. يقول احمد بن عبدالله الحسين:

    اخي الفاضل جلوي طابت متابعاتك للمقالات وتعليقاتك القيمة .. حفظك الله

  2. يقول احمد بن عبدالله الحسين:

    طاب تعليقك ايها الاخ الفاضل ابا شوقي .. الماحة جديرة بالاعتبار .. والشاعر الفرج اسهم بتيسير طباعة صحيفة الفجر الجديد بالمطبعة السعوديه بالدمام التي أسسها داعما للأخوين يوسف واحمد الشيخ يعقوب اللذان أنشأ وحررا صحيفة الفجر الجديد بالدمام.

  3. يقول خالدعبدالرحمن السحيمي:

    السلام عليكم..ومبارك عليك الشهر ابوعبدالله.اعتقد…والله اعلم..ان الاديب الكبير رحمه الله اسس في بدايةالخمسينات جريدةالفجرالجديد وصدرت في مدينة الدمام..واذا صح ذلك فمن حقه رحمه الله ان تضاف هذه الخطوه لحسناته…كونهاسعيامنه للمساهمه في تثقيف الناس.وخدمة لبلاده وحكومتها…وسلامتكم

  4. يقول جلوي محمد القحطاني:

    تستاهل عائلة الفرج هذا المديح نعم الرجل واعجبني جدا اهداء البنت في حب لنشر فضائل الاب نعم البنت شيخه احسنت لابيها فاحسن الله اليها بولادة رجل ناجح يدير الاعمال

    الحب اساس النجاح في كل شي
    اذا احببت شي اعطيته وقتك وجهدك ونبل اخلاقك 🌹👌🏻

    في الاخير اخي الكاتب الكبير احمد الحسين الرجل الذي يسترسل بهذا الحب اذكر امجاد الاخرين لهو احق ان يذكر ويمدح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *