الرأي

لا تسأليني.. اسألي الصين

أسماء العبداللطيف

كاتبة سعودية،مدربة معتمدة في القراءة

قرأت فيما يقرأ القارئ في كتاب (أتغير) لليف أولمن.. إننا معشر الأحياء في هذه اللحظة ما نحن إلا جزء متناهي الصغر من شيء وجد إلى الأبد و سيظل مستمراً حين تصيح الأرض أثراً بعد عين .
ومع ذلك ، علينا أن نشعر و نؤمن بأننا كل واحد .
هذه هي مسؤوليتنا ليس فقط تجاه أنفسنا وإنما تجاه كل شيء وكل إنسان نشاركه عيش هذا الزمن وهنا .

إنه في الوقت الذي اقرأ هذه الكلمات ثم أرفع رأسي أمام شاشة التلفاز بتسابق محموم بين القنوات لنقل الغضب الأسود المنسي منذ سنين في الأحياء القديمة ..هناك ..في أمريكا أرض الحرية .. والبيت الأبيض.!!

تتساءل : هل هذا حقيقي؟
وتتساءل : كم عمر اللون الأسود سياسياً ؟!
وتتساءل: أين هي مسؤولية كل فرد في هذا العالم ؟

منذ أن قتل قابيل هابيل تورط الإنسان في إنسانيته ولم تطق الأرض نزوله، وهي تبتلع قصص مره منذ قرون .. آخرها صوت جورج فلويد …. الذي ابتلعته المقاصد والمغانم !!

هذا الصوت أخرج الجميع الجميع بلا استثناء….السياسيين بكل مآربهم … المجرمين والسكارى.. التعساء والغاضبين من الحياة .. حتى سبيدرمان و باتمان كانوا يتجولون بكامل المشهد …

كانت الأصوات الصادقة قليلة جداً كانت تقف أمام المتاجر حتى لا تسرق كما سرقت أنفاس جورج فلويد وأمام رجال الشرطة حتى لا يسحقهم غضب قديم وأمام قضيتهم الإنسانية بكل ما تحمل…!

إن التعاسة أن يسرق كل شيء حتى ألمك وقضيتك!! وعجز الإنسان يكمن في أن يكون إنسانا!! كل شيء يوحي بذلك …

لقد تعايشت مع الغضب الأسود بكل رقيه وإنسانيته في أكثر الأماكن هدوءا وصدقا ، في أكثر الأوقات ابتهالا للحياة في القراءة ….. عندما تقرأ لـ “مايا انجلو” (أعرف لماذا يغرد الطائر الحبيس) … ولتوني موريسون (أكثر العيون زرقة، نشيد سليمان، صولا، وطفل القطران ، وليكن الرب في عون الطفلة، ومحبوبة ) …..
موريسون تؤمن بقضيتها كما نؤمن بصدقها…

توني تصرخ …لكن أمام الآلة الكاتبة … تمزق فقط أوراقها.. تسحق الكلمات الرديئة والعاجزة عن المعنى تحمل هتافاتها لسنين أمام كل المشاهد العنصرية … (إن شخصي الأسود وهويتي كامرأة جعلا قلبي يجيش بمشاعر لا ينعم بها أحد دون ذلك.. فلم ينكمش الإطار العالمي لأنني كاتبة سوداء وامرأة، بل على النقيض اتسعت آفاقه) …
مايا أنجلو التي ملئت الحياة بكل أصناف الحب مهملة كل نداءات الإنتقام ، متعالية فوق الألم والجرح ، ممسكة بالإنسانية تلك المعجزة التي لم تشاهدها في حياتها !

يكشف لونها الأسود كارثة الإنسان في مجمل سيرتها الذاتية … تخرج متعبة متهالكة وتلوح للحب كأسمى آيات الوجود … اختارت أن تعيش محبه على أن تعيش غاضبة… !

تتساءل … بل تتفجر الأسئلة أمام عينيك …
لِمَ الآن؟
قتل مارتن لوثر ولم يخرج أحد!!!
قتل مالكوم اكس ولم يخرج أحد!!!
يخرج أمامك سؤال الماغوط …… من أورثني هذا الهلع؟!؟
وسؤال ‏‎لمحمود درويش….
إلى أين نذهب بعد الحدود الأخيرة؟ أين تطير العصافير بعد السماء الأخيرة؟
ثم يجيبني ترامب…… لا تسأليني اسألي الصين !!!!!

رد واحد على “لا تسأليني.. اسألي الصين”

  1. يقول احمد الحسين:

    أستاذه اسماء
    زفير المقال فيه صُعداء .. أنخت برمزية نقديه التقطت أصداء اسماء .. فيها مضمون دلالات .. تحتاج تامل وإجابات .. خاتمتك بالتساؤلات .. هي حذف للأذهان لتختمر عندها حيرة وبصيره .. قلم سيال نخبوي .. شكرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *