الرأي , سواليف

“هانتا” يعود من جديد

محمد البكر

كاتب وصحفي سعودي، نائب رئيس التحرير السابق في صحيفة (اليوم) السعودية، معلق رياضي سابق.

كنت أتمنى ألا أزيد عليكم المخاوف وأنتم تعانون من كآبة وقلق فيروس كورونا المستجد . لكن عودة فيروس “هانتا” للظهور مرة جديدة في الصين بعد أن تم اكتشافه في العام 1993 ، وصُنف – حينها – بأنه وباء جديد ، وارتباط انتشاره بالفئران ، هو الذي جعلني أخصص مقال اليوم لهذا الفيروس القديم الجديد الذي أثار الرعب في الصين من جديد .

ربما يسأل أحدكم عما يهمنا طالما أن الفيروس لا ينتقل من إنسان إلى آخر ، ولا عبر الهواء أو ملامسة المريض كما هو الحال مع الكورونا !! . التساؤل – لأول وهلة – يعتبر منطقيا . لكن – وكما يقال – إذا عُرف السبب بطُل العجب . والسبب هو وجود أعداد كبيرة من الفئران والجرذان – أعزكم الله – في كل الواجهات البحرية في المنطقة الشرقية . وقد سبق لي أن كتبت محذرا الأمانة من هذه القضية قبل سنوات . ليس هذا فحسب ، بل أوضحت أن بعضها يبدو كما لو كان قطا لكبر حجمه . كل مسؤولي البلديات يدركون هذا الكلام ، ليس فقط لأني كتبت عن تلك القضية ، بل لأن الناس تحدثوا كثيرا عنها .

صحة الناس والمجتمع أهم بكثير من أي شئ آخر . ولهذا أقول إن الأمانة أهملت معالجة هذه القضية بالشكل الفني الصحيح . فحلول الرش ووضع الطعوم للفئران ليست حلولا منطقية . فهي تتكاثر بسرعة وتكبر بسرعة ويساهم الناس في ذلك من خلال ترك بقايا أطعمتهم بالقرب من جحور تلك القوارض . ولا حل نهائيا إلا  بردم كل الفجوات بين الصخور الموضوعة على طول شواطئ الواجهات البحرية . إما بالأسمنت أو بأي مادة أخرى حتى تختفي جحور تلك القوارض الخطيرة على الناس وعلى صحتهم .

الأمانة تعرف تماما هذه المشكلة المزمنة ، كما تعرف حلولها منذ سنوات طويلة ، لكنها لم تتخذ – حسب علمي – أي إجراء فعال للقضاء على تلك الجحور وما بداخلها . والخوف – كل الخوف – أن نخرج من مأزق الكورونا لندخل في مأزق “هانتا” إن لم يكن عاجلا ، فقد يكون آجلا .

وحتى تكون الصورة أكثر وضوحا ، فإن هذا الفيروس ينتقل من الفئران إلى البشر من خلال ملامسة فضلات تلك القوارض أو بولها “أعزكم الله” ، وهو أمر وارد لأن الأطفال والكبار يقفون ويستريحون على تلك الصخور التي يمر بها الفأر . وهذا ما حدث عندما انتشر بين الجنود البوسنيين في معسكرات التخييم ، وفي بوليفيا بعد أحد الفيضانات ، كما أصيب به مئات الأرجنتينيين .

قال لي أحد المسؤولين في الأمانة قبل سنوات إنهم لا يهتمون بما يُكتب ، لكنني هذه المرة أتمنى عليهم الاهتمام بهذه القضية قبل فوات الأوان . ولكم تحياتي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *