الرأي

أدخلوا مساكنكم

أسماء العبداللطيف

كاتبة سعودية،مدربة معتمدة في القراءة

أمرت ملكة النمل بالدخول للمساكن حينما شعرت بقرب الخطر عليهم … (يا أيها النمل أدخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون) .. ولأنها تملك خصائص المُلك التي من أهمها القدرة على الحفاظ على مملكتها بالشعور بالأخطار وتقدير حجمها و القدرة على تقدير الحلول كانت النجاة ..

النمل لا يستطيع العيش إلا بجماعات ويعيش فيها بشكل منظم ودقيق بحكم ما يملك النمل من الذكاء والدهاء وحب العمل ليل نهار ، مجتمع لا يهدأ ولا يستطيع أن يتوقف …
لكن أمر الملكة بالدخول للمساكن أمر نافذ قاطع ليتوقف بعده كل شيء حتى النجاة…

نعيش هذه الأيام أياما صعبة جداً ، ليست صعبة لأن كورونا قادم بل لأننا لسنا نمل سليمان … نحن لا نملك ذكاء النمل ولا سرعة الاستجابة الصارمة بيننا ، دائما نقف نبحث عن تفسير أو تهويل أو تقليل أو تكذيب لا نرى الشيء كما هو …

إن شخصية المرء هي قدره كما يقول هيراقليطس .
نتساءل: لماذا هذا العجز عن البقاء في المنازل ؟!
ولماذا يقف البشر بعناد ضد قبول الحقائق الواضحة كما يقول شوبنهاور..؟!
يردد الفلاسفة : دائما عليك أن تخرج لتبحث عن نفسك ، واليوم عليك أن تدخل لتبحث عن الحياة .

إن هذه الأزمات لهي دليل واضح على الإرادة الورقية التي نملك ، إرادة تذهب بها الرياح ، ودليل أعظم أن البشرية لا تملك قاعدة ثابته من إنتاجها كتلك التي تملكها النملة (أدخلوا مساكنكم) ..

إن الحقيقة المروعة تكمن في أن الذين لم يستطيعوا البقاء في منازلهم لا يملكون منازل ، وأن تلك الأموال التي بذلوها ذهبت لأماكن يهربون منها وليست منازل !!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *