الرأي , سواليف

اسمعوا الكلام قبل فوات الأوان

محمد البكر

كاتب وصحفي سعودي، نائب رئيس التحرير السابق في صحيفة (اليوم) السعودية، معلق رياضي سابق.

بالأمس كتبت مستنكرا على أهل القطيف تجمعهم في كورنيشهم الجميل ، وانتقدت بحدة ذلك التصرف غير المسؤول . واليوم أوجه نفس الكلام وذات النقد لأهالي الدمام والخبر وجدة وغيرها من المدن السعودية ، الذين يعتقدون بأنهم في إجازة ترفيهية لا إجازة طوارئ. مئات العائلات تتوزع على الواجهات البحرية دون تفهم لخطورة ما تمر به البلاد من مخاطر انتشار فيروس الكورونا . صحيح أن بؤرة الوباء في القطيف ، إلا أنه يمكن له أن ينتشر في أي مدينة أخرى . ففي الصين على سبيل المثال والتي ظهر فيها الوباء لأول مرة ، بدأ في مقاطعة ووهان ، لكن سرعان ما انتشر في أكثر من قرية ومدينة ومقاطعة على الرغم من أن الجهات الرسمية قامت بالحجر على تلك المقاطعة .

بالأمس شاهدت مقاطع مثيرة للإشمئزاز ، يظهر فيها مئات الأشخاص يجوبون كورنيشي الخبر والدمام ذهابا وإيابا ، ومقاطع أخرى تتسابق فيها العائلات في كورنيش جده على أماكن الجلوس وكأنهم في إجازة عيد أو حضور لإحدى الفعاليات . يأتي ذلك رغم مئات المقاطع التي يشارك فيها أطباء ومتخصصون ومثقفون وكتاب رأي ، وهم يحذرون الناس من مخاطر التجول أوالذهاب للأسواق والحدائق والمتنزهات والشواطىء من احتمال إصابتهم بالفيروس مهما طبقوا من إجراءات الوقاية والسلامة . فملامسة الأسطح الصلبة كالمقاعد أو الطاولات أو الأسطح الخشبية والمعدنية أو مقابض الأبواب والنوافذ ، هو السبب الرئيس لانتقال فيروس الكورونا .

نحن نفتخر بما تتخذه دولتنا من إجراءات دقيقة ، وما تصرفه من ميزانيات ، وما تقدمه من خدمات ، كي تحمي البلاد والعباد من شر هذا المرض ، لكنها مهما فعلت فلن تحقق كل أهدافها ما دام أن لدينا أناس رغم ثقافتهم وأنفتاحهم على العالم ، فإنهم لا يبالون ، ولا يتعاونون معها ، ولا يأخذون الخطورة المحتملة على محمل الجد . وهذا ما يجعلنا نخشى من هذا الأسبوع والأسبوع الذي يليه بعد أن دخلنا في مئوية الإصابات . ولعلنا نتذكر كيف انهارت إيطاليا بشكل مفاجئ ، وكذلك أسبانيا بعد أن تضاعف أعداد المصابين عشرات المرات بعد تجاوزهم الرقم 100 في عدد الإصابات .

ما حدث في القطيف نهاية الأسبوع الماضي يتكرر في أكثر من مدينة سواء في الشرقية أو الغربية أو الوسطى . ونحن الآن دخلنا في منطقة الخطر الأكثر حراجة ، ونحتاج – جميعا – إلى تفهم خطورة عدم اتباع النصائح التي تطلب من الناس البقاء في منازلهم قدر الإمكان واقتصار خروجهم للضروريات . فهل نعي معنى تلك النصائح أم نستمر في تجاهلنا ؟! .

كوادرنا الطبية البطلة يبذلون قصارى جهودهم للتعامل مع كل الحالات ، فلا تزيدوا الضغط عليهم ، ولا تفقدوهم السيطرة على الأوضاع ؛ لأننا سنكون جميعا من الخاسرين . ولكم تحياتي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *