الرأي

دورة الألعاب السعودية.. حلم تحول إلى حقيقة

حبيب عبدالله

صحفي، عمل سابقا في الوطن، الشرق الأوسط، وصحيفة الوفاق الإلكترونية، ومجلة المجلة، ومجلة الفيصل.

قبيل الإغلاق الكامل بسبب جائحة كورونا بشهر تقريبا؛ أطلق وزير الرياضة الأمير عبدالعزيز الفيصل، يوم الأربعاء (26 فبراير 2020م)، النسخة الأولى من دورة الألعاب السعودية، لتكون أكبر حدث رياضي في تاريخ المملكة من حيث عدد الألعاب والرياضيين، فرحت كثيرًا بهذه الفكرة، ولكن تداعيات الجائحة لم تعطل الرياضة فحسب، بل توقف كل شيء.

اليوم وبعد انحسار الجائحة وعودة الحياة إلى طبيعتها، تعود دورة الألعاب السعودية للانطلاق مجددًا يوم 27 أكتوبر 2022م، بمشاركة 6 آلاف رياضي، يمثّلون أكثر من 200 ناد من مختلف أرجاء المملكة، إضافة إلى مشاركات الأفراد المستقلين تحت علم اللجنة الأولمبية والبارالمبية. ويتنافس الرياضيون في دورة الألعاب السعودية الأولى في 45 لعبة جماعية وفردية، بجوائز هي الأعلى في تاريخ المنطقة، حيث يتجاوز مجموعها 200 مليون ريال؛ إذ يحصل الفائز بالميدالية الذهبية في أي لعبة على مليون ريال، وجوائز مالية أقل للفائزين بالمراكز التالية.

فكرة عظيمة، وحلم تحول إلى حقيقة، رجعت بي الذاكرة إلى المرحلة الابتدائية حيث كانت مدرستنا “المحمدية” تتنافس مع مدارس المحافظة الأخرى في مجال المسرح، وكانت الجائزة سندويتش فلافل وميراندا على حساب المعلم الفلسطيني رحمه الله حيًا كان أم ميتًا، كان يدربنا وينقلنا بسيارته الخاصة للمنافسة من مدرسة إلى أخرى.، ثم في المرحلتين المتوسطة والثانوية كان التنافس بين المدارس في رياضات قليلة مثل كرة القدم والتنس والركض فقط، أتذكر كيف كان التنافس آنذاك بسيطًا وبدائيًا جدًا على مستوى التنظيم والجوائز التي لا تذكر عبارة عن ميداليات من محلات أبو عشرة، ولكن الجو والتنافس كان عظيمًا وماتعًا وعالقًا بالذاكرة، لطالما كنت أتمنى وأفكر بمشروع مثل هذا يكون على مستوى الوطن، بمشاركة أبناء الوطن من مواطنين وحتى مقيمين، مرة بالرياض، ومرة بتبوك، وأخرى في الأحساء، ثم استقبال هذه الدورة بجميع أنحاء المملكة، تمامًا مثل الشعلة التي استقبلتها المناطق.

أكرر أن فكرة الألعاب السعودية فكرة عظيمة لفتح باب التنافس بين جميع أبناء المملكة، منح الفرصة للجميع ولأكبر قدر ممكن من المواطنين، وفتح الباب لاكتشاف المواهب التي لم تجد فرصة للظهور أو لم تجد الفرصة لتطوير قدراتها والانتقال إلى مستوى متقدم، وكذلك فتح الباب لصناعة رياضية أكبر وأشمل من مجرد كرة القدم التي قتل الاهتمام بها والتركيز عليها كل رياضة أخرى، فرصة لتعزيز دور وثقافة الرياضة في المجتمع من خلال تأسيس بنية رياضية تحتية في جميع المناطق تساهم في احتواء الشباب وتصنع منهم أبطالًا في مختلف الرياضات.

وقبل كل ذلك هي فكرة وطنية خالصة تجمع أبناء الوطن من كل مدينة وقرية معًا، يجتمعون ويتعرفون على بعضهم بعض، يأتون من ثقافات وعادات مختلفة، وحتى من جغرافيا مختلفة، تجمعهم الرياضة والمنافسة الشريفة، إنها فرصة لتعزيز هذا التنوع الكبير للمملكة، وفرصة لتعزيز القيم والتوعية عبر هذه المنافسات. فرصة عظيمة لتعزيز الوحدة الوطنية والتلاحم بين أبناء الوطن الواحد، وخلق شعور نبيل وعظيم الشأن بالمواطنة والعمل والتنافس تحت راية وطن واحد، ولمصلحة الوطن.

هذه الفكرة التي استحالت حقيقة هي طريقنا نحو تطوير جميع الألعاب للمنافسة عالميًا، وهي الطريق الأفضل لرعاية المواهب بعد اكتشافها، فرصة للرياضيين للاحتكاك ببعضهم بعض، وخوض التجارب والمسابقات وممارسة الصعود لمنصات التتويج والنجاح، وحتى الخروج والفشل الذي يعد ضرورة في سلم النجاح. فأغلب الدول التي تحصد الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية أو الشتوية، هو نتيجة تدريب طويل ومنافسات وطنية ومحلية كثيرة بين أبناء تلك الدول سواء على المستوى الوطني كمنافسات وطنية كبرى أو اهتمام واسع داخل الجامعات والمدارس وعلى مستوى بلديات المدن.

الفكرة عظيمة والأعظم من ذلك هو استمرارها ورعايتها وتطويرها. بيننا أبطال؛ لذا يجب الحرص على منح الفرصة للجميع دون استثناء أو إقصاء، والعمل على استيعاب أكبر قدر ممكن من الراغبين بالمشاركة، وخلق علاقة جيدة بين المدارس والأندية لأن الوصول للأندية ليس سهلًا لكثير من الشباب وطلاب المدارس، فالمدرسة هي الأهم، وهي المنبع الأول، والمكان الأكثر أهمية للبداية واكتشاف مواهب أبنائنا، فبيننا أبطال بانتظار اكتشافهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *