الرأي , سواليف

الشاب الحبتور والأم المكلومة

محمد البكر

كاتب وصحفي سعودي، نائب رئيس التحرير السابق في صحيفة (اليوم) السعودية، معلق رياضي سابق.

لا شك من أن قضية اكتشاف حقيقة الأطفال المخطوفين وعودة ثلاثة منهم إلى أسرهم الحقيقية ، تعتبر من القضايا الكبيرة والحساسة جدا . فالمسألة متعلقة بأطفال حرموا من أمهات وآباء أمضوا آلاف الأيام والليالي متألمون باكون جراء فقدان فلذات أكبادهم . ولهذا فلا عجب أن نالت تلك القضية الإهتمام الكبير والواسع بين الناس . كما لا غرابة أن تعامل الإعلام معها بجدية ومثابرة ومتابعة دقيقة . ناهيك عما لعبته وسائل التواصل الإجتماعي وخاصة ” التويتر ” ، من أدوار مهمة لمتابعة هذه القضية المثيرة .

التحولات والمفاجآت كانت تتوالى بين اليوم والآخر ، بل بين الساعة والثانية ، حتى أنني قلت لصديقي بأنه لو كانت قصصا افتراضية يكتبها مؤلف لمسلسل تلفزيوني لما استطاع تصور كل هذه المفاجآت ، ولما تمكن من وضع سيناريوهات للأحداث كما تابعناها منذ لحظة تناقل المجتمع أخبار هذه القضية . فبعد اعتقادنا بأن قصة الخطف قد انتهت بعودة الثلاثة المخطوفين لأهاليهم ، ظهرت أحداث جديدة أكثر إثارة حول قصة الطفل اليمني المخطوف من كورنيش الدمام ” نسيم حبتور ” ، والتي تشابكت فيها الأحداث الغريبة والغموض .حيث بدأت ب ” صدفة ” اشتباه صديق لوالد نسيم بشاب يشبه أولاده الآخرين ، وما تبعها من تبليغ للجهات الأمنية ، ثم تأخر نتيجة فحص DNA لعدة شهور، ومن ثم تأكد الأم من وجود وحمة سبق وأن أبلغت الجهات الأمنية بعد خطفه ، ثم أن من قام بتربيته هو ” حاضن ” أخذه من حفر الباطن والتي كانت أبنة خاطفة الثلاثة تعيش هناك … كل هذه المعطيات وغيرها أضافت مزيدا من الإثارة لهذه القضية التي ما أن تهدأ حتى تعود للواجهة أكثر إثارة . في الوقت ذاته كانت الجهات الأمنية تتابع وتبذل قصارى جهدها لحل تلك الألغاز .

الشيء الوحيد الذي تمنيت ألا يحدث هو التأخر في الموافقة على طلب والد الطفل المخطوف بإعادة فحص الحمض النووي للشاب للتأكد من هويته . فالتأخير أثار شكوكا كادت أن تسيئ للأجهزة الأمنية رغم نجاحها الكبير في الكشف عن أخطر حالات الخطف وأشهرها لولا حكمة سمو سيدي الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية ، الذي أمر بدراسة طلب الوالد لإعادة الفحص .

لقد نجحت الجهات الأمنية بكل جدارة في تحقيقاتها وكشفها لجرائم الخطف رغم أنها تمت منذ أكثر من عقدين ، وهو أمر يسجل لها ونفخر به كسعوديين ، فمن له حق فلن يضيع في هذا الوطن .

نحن اليوم وبدافع إنساني ننتظر نهاية نتنماها سعيدة . وإن كنت وبشكل شخصي أتمنى بأن يكون هذا الشاب هو ذلك الطفل الذي حرم من حنان والديه وأبكاهما دهرا ، خاصة وأنه يعيش مع حاضن منذ طفولته . ولكم تحياتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *