الرأي , سواليف

اختطاف الأطفال وحد الحرابة

محمد البكر

كاتب وصحفي سعودي، نائب رئيس التحرير السابق في صحيفة (اليوم) السعودية، معلق رياضي سابق.

لعلكم سمعتم عن نجاح جهود الجهات الأمنية في حل لغز اختطاف طفلين من أحد مستشفيات الدمام عامي 1417 و1420 على التوالي ، والتي تكللت – ولله الحمد – بالقبض على الجانية التي بررت جريمتيها بأنهما لقيطان . ولأن هذه القضية الخطيرة لا تزال في مراحلها الأولى بين إدارات الإدعاء العام ومن بعدها القضاء المختص ، فإنني لن أغوص في أي تفاصيل حولها ، أو أطرح أي رأي فيها ، إلا من باب توعية الناس حول خطورة مثل هذه الجرائم . فقد لفت نظري قرار مجلس هيئة كبار العلماء برئاسة الوالد الشيخ عبدالعزيز بن باز – يرحمه الله – والذي صنّف جريمة اختطاف الأطفال القصر ضمن الجرائم الكبيرة ، كونها تعتبر من جرائم الحدود المعاقب عليها بالقتل أو القطع باعتبارها تعدٍ على الضروريات الخمس ، ومنها النفس ، وما لها من انعكاس سلبي على المجتمع مما يفقده الإحساس بالأمن والإطمئنان .

وإذا كانت جرائم اختطاف الأطفال في الكثير من الدول حول العالم قد انتشرت بفعل وجود عصابات بيع الأعضاء ، أو استغلالهم للتسول ، أو بدوافع الحاجة لعدم القدرة على الإنجاب ، إلا أننا نستغرب في حدوث مثل هذه الجرائم وإن لم تصل إلى مرحلة الظاهرة ، في بلد يدين فيه كل شعبه بالإسلام ويؤمن بحساب الآخرة قبل حساب الدنيا .

من الصعوبة بمكان مطالبة الناس بعدم الثقة بالآخرين ، ومن الخطأ إرباكهم من خلال المبالغة في تحذيرهم من كل من يمر بجانبهم خوفاً على أطفالهم . فليس كل الناس طيبون ولا كلهم سيئون . كما أنه لا ثقة مطلقة ولا تشكيك كامل . وما بين هذا وذاك ، تبرز أهمية حرص ومتابعة الأهل لأطفالهم ،  في الأسواق والمجمعات والمستشفيات ومدن الألعاب والملاهي . فالطفل في السن المبكرة لا يدرك من يأخذ بيده ، والغفلة قد تكون للحظة ، وبعض اللحظات تفتح أبواب الحزن والضياع لسنوات طويلة وربما للأبد .

لعل في قصة الطفلين والتي أشرت إليها في بداية هذا المقال عبرة لمن يعتبر، فالله يمهل ولا يهمل ، والجرم جرم ولو طال الزمن ، ولا مكان للعاطفة تجاه من يرتكب مثل هذه الجرائم المفزعة . وألف ألف مبروك للعائلتين الكريمتين اللتين عادا لهما طفليهما ، وكل الشكر والتقدير لكل موظف في أي جهة حكومية مهما كان صغيرا ساهم في كشف ملابسات هاتين القضيتين بعد أكثر من عقدين من الزمن . ولكم تحياتي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *