الرأي , سواليف

الكورونا والشائعات وفقدان الثقة

محمد البكر

كاتب وصحفي سعودي، نائب رئيس التحرير السابق في صحيفة (اليوم) السعودية، معلق رياضي سابق.

نحن اليوم أمام تحد كبير عنوانه فقدان الثقة عند الكثير من شرائح المجتمع بما يصدر عن الجهات المعنية حين تفنيدها للشائعات وتوضيح الحقائق للناس . فتلك الشرائح تميل إلى تصديق الشائعة رغم عدم وجود أي مرجع أو دليل أو مصدر يؤكدها ، ولا تصدق المصدر الرسمي الذي يبين الحقيقة لها ، وهو ما يجعلنا بالفعل أمام ظاهرة يجب التوقف عندها . فالمجتمع القوي المتماسك هو المجتمع الذي يصدق ما ينقل له من الجهات الرسمية ، والتي لا مصلحة لها من إخفاء أي خبر مهما كانت خطورته . فالعالم بات قرية صغيرة مشرعة الأبواب لا يمكن معها حجب أي خبر .

من يتابع وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف منصاتها ، يمكنه اكتشاف منسوب المعلومات الخاطئة أحيانا ، أو الصادقة في جزء منها ، أو الكاذبة في بقيتها . هذه الأخبار يتم تناقلها بسرعة البرق . خاصة تلك الأخبار المثيرة أو السلبية ، حتى لو كانت تسيء للوطن وللمجتمع وللأفراد الأبرياء . ففي مجتمعنا كما في أغلب المجتمعات العربية ، سلبية خطيرة ، ورغبة جامحة للترويج للأخبار السيئة ، مثل الجرائم ، أو انتشار الأمراض ، أو فبركة الأحداث وتبهيرها .

قبل أكثر من ثلاثة عقود كانت وزارة الإعلام لدينا تنفي أي خبر مهما كان صحيحا ، حتى أطلق عليها البعض وزارة النفي . ومع أنه لا يمكن الحكم على ذلك كوننا لم نربطها بظروفها آنذاك ، إلا أن الجهات الحكو مية الآن تملك من الشجاعة والثقة الإعلان عن أي خبر أو تطور في قضية مهما كانت خطيرة أو مزعجة . فالنفي لم يعد له مكانا في هذا العصر المفتوح على كل وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء .

هذه الأيام يصر البعض على أن وزارة الصحة لا تعترف بأن هناك حالات تم اكتشافها مصابة بالفيروس الصيني الجديد “كورونا”، ويصرون على أن المتحدث باسم الوزارة لا يقول الحقيقة ، متجاهلين أن منظمة الصحة العالمية تلزم جميع الدول بالإبلاغ فورا ودون تأخير عن أي حالات مرتبطة بالأوبئة التي قد تظهر بين الفترة والأخرى في أي دولة من دول العالم . أي أن المملكة وغيرها من الدول ملزمة بالإبلاغ عن أي حالة يتم اكتشافها . ثم ماذا تستفيد الوزارة إن هي أخفت المعلومات ؟! لا شيء ، بل ربما تضر نفسها ، لأن تبادل المعلومات بين المملكة من جهة ، ومنظمة الصحة العالمية وبقية دول العالم من جهة ثانية ، أمر في غاية الأهمية ، لما فيه من فائدة للجميع .

علينا أن نثق بالمصادر الرسمية للوزارات المعنية ، فنحن اليوم لسنا – والحمدلله – في حالة حرب ، فما بالكم لو كنا كذلك لا سمح الله . حاربوا الشائعات ، وجددوا ثقتهم بما يصدر من الجهات الرسمية ، وانبذوا تلك الأخبار السلبية التي تضر ولا تنفع ، ولكم تحياتي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *