الرأي , سواليف

دردشات فوق القبور

محمد البكر

كاتب وصحفي سعودي، نائب رئيس التحرير السابق في صحيفة (اليوم) السعودية، معلق رياضي سابق.

المقابر بشكل عام والقبور بشكل خاص لها رهبة تجبر الإنسان ، مهما كان قلبه قاسياً ، على احترام هذه البقعة من الأرض . ففي صمتها كلام يحرك الضمائر وإن كانت ميتة ، وفي قبورها المفتوحة ما يذكرنا بيوم سيأتي بنا إليها لا محالة . للمقابر هيبة ، يعترينا الخوف كلما دخلناها رغم أن من يسكنها أموات لا يتحركون . هذه طبيعة الإنسان . فالموت نهاية مؤلمة مبكية ، ورغم كل تلك الحقائق والثوابت ، تمر بنا مشاهد عجيبة . ففي الوقت الذي يؤخذ الجثمان ليوضع في قبره كأكثر المشاهد إيلاماً وحزناً ، يتبادل البعض الضحكات والمزاح والنكات . يتناقشون في أمور الدنيا التي أشغلتهم ولاحقتهم حتى وهم في تلك المقابر . فهل هناك مواقف أصعب من موقف يدفن فيه صديق أو قريب كان بالأمس يهاتفك أو يلتقيك !! .

قلوب لا تخشع في تلك اللحظات العصيبة . وضمائر نسيها أصحابها خارج المقبرة التي دخلوها معزين ، وابتسامات وأصوات مرتفعة ، وتدافع كي ينتهون من واجب العزاء ليغادروا قبل غيرهم . لا يتعظون من تلك المشاهد ، ولا يتعلمون من تلك النهايات التي يتسارع فيها الأقرباء والأحباب لوضع الجثمان في قبره ، في عملية لا تستغرق أكثر من ساعة .

وفي مجالس العزاء .. لا يفرق البعض إن كان حضوره معزياً أو مشاركاً في حفلة عامة . يقول صاحبي إنه شاهد أحد المعزين ممن يعرفه معرفةً تامةً ، وكان قريباً جداً منه لكن ذلك الشخص تجاهل صاحبنا ولم يسلم عليه ولو مجاملة ، مما أثار استغراب هذا الصديق . وبعد أن قام بالسؤال عنه ، قيل له إنه بات يعمل في مكتب مسؤول كبير !! . لو فكر صاحبه لبرهة لعرف أن المناصب كلها قد تنتهي في لحظة واحدة ، بل إنه بلحمه ودمه قد يكون المتوفي القادم ومجلس العزاء قد يكون مجلس عزائه .

لقد قست القلوب ، وتضخمت المصالح ، ونسى البعض أن للموت هيبة ، وللقبر إنكسار ، وللمناصب نهاية . يقول الله سبحانه وتعالى :”والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخيرأملاً” . ولكم تحياتي.

ردان على “دردشات فوق القبور”

  1. يقول عبدالكريم بوخمسين:

    لا ارى هنالك ما يخيف من القبور او المقابر أعمل من أجل هذا اليوم حتى لا تخاف من القبور او المقابر انهو مكان الراحه الابديه

  2. يقول سعود الدوسري:

    كلام في الصميم وواقع مؤلم للأسف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *