الرأي , سواليف

لا ترخص دموع أبيك ولا أنين أمك

محمد البكر

كاتب وصحفي سعودي، نائب رئيس التحرير السابق في صحيفة (اليوم) السعودية، معلق رياضي سابق.

رغم كل الجهود التي تبذلها الجهات المختصة وجمعية السلامة المرورية ، ورغم تناقص أعداد الحوادث وما تخلفه من وفيات وإصابات وإعاقات ، إلا أن هناك شباب في عمر الزهور لا زالوا يعبثون بسلامتهم وسلامة غيرهم ، من خلال استهتارهم بقواعد السلامة المرورية أثناء القيادة .

يوم أمس – على سبيل المثال – وأثناء هطول الأمطار على طريق الجبيل الظهران ، شاهدنا العجب العجاب . ففي الوقت الذي توقعنا فيه قيادة هادئة ، تفاجأنا بشباب يقودون مركباتهم بكل رعونة واستهتار . فتارة ينتقلون من خانة إلى أخرى بسرعة جنونية وبدون إشارات تنبيهية ، وتارة يستخدمون الأكتاف بمساحاتها الضيقة للتجاوز ، ناهيكم عن استخدام الهاتف دون إكتراث . وكلها ممارسات خطيرة تؤدي لحوادث مميتة .

في غرف الطوارىء في المستشفيات ، يمكنك مشاهدة كل المقاطع المأساوية . دماء على الأرض ، مسعفين يحاولون إنقاذ شاب مصاب ، صراخ المصابين وآلامهم تجبرك على البكاء ، أياد وأرجل مكسورة ، بداية لرحلة مؤلمة لشاب أصيب بشلل رباعي لن يتحرك بعد اليوم خطوة واحدة ….. ثم .. ثم .. تغطية لوجه مصاب بعد إعلان وفاته ….

هاتف الأب يرن … يتلقى خبر وفاة ابنه .. ينهار .. يبكي .. يخرج عن وقاره ، فالحدث أكبر من أن يحتمله … يتجمع الأقارب في بيت الشاب المتوفي .. تلتف النساء حول الأم .. يتحرك قلبها .. تكاد أن تنهار قبل أن تعرف ما الذي جرى حتى تتجمع نساء العائلة حولها … خطوة خطوة .. كلمة من هنا وأخرى من هناك .. تصرخ الأم .. هل مات ابني !! تنهار وينهار الجميع وتبدأ رحلة الوجع الطويل والألم المرير … يوم .. أسبوع .. شهر .. سنة .. سنوات .. الأم لا تنسى .. لا يخف وجعها .. تتغير الأيام وتتعدد المناسبات ، ومع كل مناسبة تحضر ذكرى ابنها الذي رحل إلى غير رجعة .

لو كان الشاب على قيد الحياة ، وتصور هذه المشاهد الحزينة وهي تهز أركان أسرته ، وتكسر قلب أمه ، وتقصم ظهر أبيه .. لما استهتر أثناء قيادته لمركبته ، ولما تجاوز السرعة المقررة أو استخدم هاتفه المشؤوم .

لو سمحتم ، اطلبوا من أبنائكم قراءة هذا المقال بتمعن . ولكم تحياتي.

رد واحد على “لا ترخص دموع أبيك ولا أنين أمك”

  1. يقول د. عبدالله المدني:

    ليتهم يسمعون الكلام ويعرفون أن قلوب وعقول والديهم تعيش في قلق وهواجس منذ لحظة خروجهم من المنزل إلى لحظة عودتهم. لحظات تمر يموتون فيها الف مرة ومرة.
    يوم أمس وفي جو ماطر في البحرين خرجت من البيت سيرا على الأقدام إلى بقالة مجاورة عبر الشارع لقضاء حاجة مستعجلة فلم أعد إلا وثيابي ملطشة بالوحل لأن أحد الشباب كان مسرعا بسيارته ولم يخفف سرعته احتراما لسني فقذف بالمياه المتجمعة في زوايا الشارع في وجهي. كنت أنتظر أن يقف ليعتذر لكنه لم يفعل لأنه عديم التربية ولأننا لا ندرس الأخلاق والسنع في مناهجنا التربوية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *