الرأي , سواليف

مطر يوم ومعاناة دوم

محمد البكر

كاتب وصحفي سعودي، نائب رئيس التحرير السابق في صحيفة (اليوم) السعودية، معلق رياضي سابق.

أشعر كما يشعر غيري سواء من الكتاب أو من المواطنين العاديين بأسفٍ شديدٍ عندما نتحدث عن أوضاع شوارعنا في موسم الأمطار ، والسبب أننا بتنا كالببغاوات نعيد نفس الكلام كل عام ، دون أن تتغير الأمور في الميدان . أسفٌ ومرارةٌ لأن المطر الذي انتظرناه طويلاً لم يستمر إلا يوماً واحداً ، ومع ذلك فإن عدداً من الشوارع والطرق خرج من الخدمة ، فتجمعت السيارات وتسببت في تعطيل الناس عن أداء أعمالهم .

قد يقول أحدكم: “إن الوضع هذا العام أفضل من العام الماضي ، وإن ذلك العام كان أفضل مما سبقه” ، وقد أتفق بعض الشيء مع من يردد هذا الكلام ، لكنني آسفٌ أن تكون الحلول “ترقيعية” ، فالشق سيتسع أكثر وأكثر من خلال مخططات جديدة يتم اعتمادها بلا خدمات لتصريف الأمطار ، وأحياء حديثة ستضاف للأحياء التي هي بحاجة لحلول دائمة . باختصار: إذا ما استمرت خطة الأمانة الترقيعية من خلال مشاريعها “الجزئية”، وتجاهلت وزارة النقل مصائب أنفاقها ، فإن الحال سيستمر لعشرات السنين القادمة ، بل ربما إلى ما هو أسوأ من هذا الحال المائل .

حديث المجالس هذه الأيام ، يدور حول البنية التحتية لحاضرة الدمام ، وهي بنية لم تعد تتناسب في الكثير من جوانبها ، مع الاحتياجات المطلوبة لجودة الحياة التي أشارت إليها رؤية المملكة 2030 ، ومن أهمها الشوارع والطرق وتصريف الأمطار . هذه الاحتياجات لا يمكن تأمينها من خلال اجتهادات أو مشاريع صغيرة متناثرة هنا وهناك . بل تحتاج لخطة أكبر وأشمل سواء فيما يخص الأمانات والبلديات ، أو ما يتعلق بوزارة النقل التي يبدو أنها لا تريد الاستماع للمواطنين ولا تضع حلولاً لمطالبهم .

أتفهم أن مشاريع تصريف الأمطار مكلفة بعض الشيء ، لكن نحن نتحدث عن بنية تحتية لعشرات السنين القادمة وليس لسنة أو سنتين ، وهذه قضية واضحة لا تحتاج حتى إلى استشراف للمستقبل . فمعدلات النمو السكاني والتمدد العمراني واضحة حتى للمواطن العادي ، ولا تحتاج لدراسات أو استشراف كما تطرحه الأمانة ، وكل عام تتأخر تلك الجهات عن تنفيذ ما هو مطلوب منها اليوم من مشاريع ، فإنها ستجد نفسها مستقبلاً أمام مشاكل معقدة لا يمكن حلها بسهولة .

أمطار الأمس ، والتي تفاخر الأمانة بأنها نجحت في شفطها من الشوارع في وقت قياسي ، لم تستمر إلا لساعات ، ولا يعلم إلا الله كيف سيكون الحال لو استمرت لعدة أيام !! . ثم إن عملية الشفط عن طريق المضخات المنتشرة في بعض التقاطعات ، لا تليق بحاضرة الدمام ولا بأمانتها . ولكم تحياتي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *