الرأي , سواليف

وليمة مكافحة الفساد

محمد البكر

كاتب وصحفي سعودي، نائب رئيس التحرير السابق في صحيفة (اليوم) السعودية، معلق رياضي سابق.

عندما أعلن الملك عبدالله – يرحمه الله – عن إنشاء هيئة مكافحة الفساد ، كتبت في اليوم التالي ” شكرا سيدي … الدرج يتم تنظيفه من أعلى إلى أسفل ” ،  وكانت تلك الكلمات صعبة ومثيرة في تلك الأيام .
وعندما أصدر خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز  – يحفظه الله ، أمراً ملكياً بتشكيل لجنة عليا برئاسة سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ، لم تمض أياما على ذلك الأمر الملكي إلا وقد بدأت رموز الفساد تتساقط الواحد تلو الآخر ،  فاستردت الحكومة مليارات الريالات التي نهبت من المال العام .
انتهت تلك اللجنة بنجاح باهر من تنفيذ المهمة التي طلبت منها ، لكن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد استمرت في عملها في كل المناطق وفي مختلف المجالات لمحاصرة الفساد والمفسدين وسارقي المال العام .

في نهاية الأسبوع الماضي ، وصلت رسالة من هذه الهيئة للصديق ماهر البواردي تطلب منه ارسال بياناته البنكية ليتم تحويل مكافأة التبليغ عن حالات فساد كان قد أبلغ عنها وأكدتها تحريات جهات التحقيق والمتابعة في الهيئة . كنت أعرف مسبقا بأن هذا الصديق لا تهمه المكافأة وإن كانت من حقه ، بقدر ما كان يهمه التعاون مع هيئة مكافحة الفساد لكشف الفساد والفاسدين والمساهمة في الدفاع عن حقوق الوطن والمواطنين . فالأصل هو تعاون المواطن والمقيم وفق ما جاء في الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد . أما المكافأة فما هي إلا تحفيز إضافي للمساهمة وتشجيع الناس على كشف بؤر الفساد . فالهيئة يهمها الوصول لمنابع الفساد لتجفيفها في عمق الجهات التي تدخل ضمن اختصاصهم ، وهو معمول به في جهات حكومية أخرى مثل وزارة التجارة .

وإذا كنت قد قلت إن تنظيف الدرج يبدأ من الأعلى للأسفل ، وهو ما تم بالفعل – بفضل الله – ثم بفضل اللجنة العليا التي رأسها سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ، فإنني اليوم أدعو المواطنين والمقيمين للتعاون المباشر مع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ، خاصة في المستويات الأقل كرؤساء الأقسام والمراقبين الذين يتعاملون مباشرة مع المستفيدين ، ومع يقيني بأن غالبيتهم من الشرفاء ، إلا أن من بينهم من يستغل وظيفته ويستنفع منها ، مستغلا طيبة رؤسائه وثقتهم العمياء بما يقوم به . فالهيئة وكل الهيئات والجهات الرقابية مهما كانت قوتها ، فإنها تحتاج لتعاون المواطن والمقيم لكشف ما يدور خلف الكواليس ..

أعود قبل الختام لمكافأة “أبو خالد” الذي كشف بالأدلة عن بعض بؤر الفساد ، لأطلب من الهيئة سرعة تحويلها لحسابه ، لأنه وعدنا بوليمة دسمة متى ما استلم مكافأته . ولكم تحياتي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *