الرأي , سواليف

جدول الضرّب بين إيمان والعمودي

محمد البكر

كاتب وصحفي سعودي، نائب رئيس التحرير السابق في صحيفة (اليوم) السعودية، معلق رياضي سابق.

جدول الضّرب يتراقص أمام عيوننا ، تتراقص الأرقام، تتراقص الحروف، تختلط مع بعضها، ونحن التلاميذ نشعر بالقلق والرهبة، ماذا يمكن أن نفعل؟ وهذه الأعداد تركض ركضاً متواصلاً، ستة في خمسة ، تسعة في سبعة ، أربعة في ثمانية ،خيول تتسابق في ميدان سباق محموم، والتلاميذ يلهثون وراءها لا يستطيعون فهمها، لا يعرفون من أين أتت هذه الأرقام والأعداد الكثيرة المتداخلة، ما معنى خمسة في تسعة ، وثمانية في أربعة، وما شأننا- نحن الصّغار- بهذه الأرقام والإشارات؟ من الذي وضعها في طريقنا؟ من الذي قطع علينا أحلامنا وأخيلتنا..

أرقام وأرقام وأعداد لا ندري من أين جاءت، ولا كيف وصلت، وتمدّدت على الألواح الخشبية ، وانتقلت إلى حقائبنا، بدأت تناكدنا، تمطّ رؤوسها وأنوفها، ترقّص أمامنا أذيالها، تتسلق صفحات دفاترنا، تنام معنا في فراشنا أو تقفز على وسائدنا، أرقام مضحكة مبكية، لا ترتبط برسوم، ولا تتعلّق بألوان .

الكلام أعلاه جزء من موضوع كتبته الطفلة إيمان علي . أما من هي إيمان فلا أعرفها ولا أعرف متى كتبته ؛ لكنني كنت أبحث عن قصص عن معاناة الأطفال مع جداول الضرب ، وما دعاني للبحث عن ذلك هو الإنجاز الكبير الذي حققه الطفل السعودي ابن مكة المكرمة عماد العمودي في الذكاء الذهني ، فقد حقق المركز الأول من بين تسعة آلاف طفل متسابق من 83 دولة على مستوى العالم شاركوا في مسابقة يطلق عليها “يوسي ماس” ، وهي برنامج تطوير عقلي مميز للأطفال ، حيث تعتمد المسابقة على حل 200 مسألة حسابية في 8 دقائق فقط بالإضافة إلى تحسين سرعة ودقة الحسابات ، مثل إضافة أرقام مكونة من 10 أعداد في ثوان قليلة .

الطفل السعودي البطل ، والذي شرّف بلاده ورفع رأس كل سعودي ، لم يتجاوز عمره 12 عاماً ، وكان واثقاً قبل سفره للمشاركة في المسابقة بأنه سيحقق أحد المراكز المتقدمة ، لكنه ، وبتوفيق من الله ثم بثقته بقدراته وذكائه ، حقق المركز الأول على مستوى العالم .

أنا على ثقة بأن الغالبية ممن هم في أعمارنا عانوا ما عانوا مع درس “الحساب” ، وخاصة مع جدول الضرب مثلنا مثل الطفلة إيمان التي لخصت تجربتها في المرحلة الابتدائية بعد أن أصبحت طالبة جامعية ، ونحمد الله أن زماننا لم يشهد مسابقات مثل هذه المسابقة ، وإلا كانت “فضيحتنا بجلاجل” ، كما يقال .

الطفل السعودي النبيه عماد يستحق كل تقدير ودعم واحتواء ، ولأننا في زمن رؤية المملكة 2030 وعرّابها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ، فإنني متأكد من أن هذا النابغة سيحظى بالاهتمام الكبير ، وبالتكريم الذي يليق به كطفل شرّف بلاده ، وقدّم صورة ناصعة البياض عن كل أطفال المملكة ، ولكم تحياتي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *