الرأي , سواليف

ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً 

محمد البكر

كاتب وصحفي سعودي، نائب رئيس التحرير السابق في صحيفة (اليوم) السعودية، معلق رياضي سابق.

الخبر الذي تداولته وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي حول نقل أعضاء امرأة متوفية دماغياً إلى سبعة مرضى كتب الله لهم حياة جديدة جراء ذلك ،  هذا الخبر لم يحظ بالاهتمام الصحيح ، الذي يتناسب وعظمة هذا الحدث ، وأجزم بأنه لو كان الحدث قد تم في خارج المملكة لهللت له وسائل الإعلام ومنحته الأولوية من بين الأخبار التي تبثها بدلاً عن أخبار الموت والدمار .

رحم الله تلك السيدة رحمةً واسعةً ، وجعلها من أهل الجنة بغير حساب ، والشكر الجزيل لأسرتها التي وافقت على التبرع بأعضاءها لإنقاذ حياة سبعة مرضى كانوا بحاجة إلى تلك الأعضاء . فما قاموا به وما فعلوه يعتبر قمة من قمم الأعمال الإنسانية التي نقف لها إجلالاً واحتراماً وتقديراً . فبالرغم من أن القرار كان صعباً وربما “مراً” على تلك الأسرة ، إلا أن إيمانهم بالله ورغبتهم في فعل الخير والمساهمة في إنقاذ تلك الأنفس ، كان أكبر من جراحهم وأقوى من ألمهم .

ربما هناك بعض القراء لم يطلعوا على تفاصيل الخبر ، ومن باب إيصال رسالة فضل التبرع بالأعضاء للجميع ، أقول إنه تم تقسيم الكبد إلى جزئين وزراعتها لمريضين ، وتم زراعة كلى وبنكرياس لمريض ، وفصل الرئتين لمريضين ، وتم زرع القلب لمريض ، والكلية لمريض آخر ، أي أنه تم بإذن الله وتوفيقه إنقاذ حياة سبعة أشخاص كانوا يعانون ، وربما كانوا ينتظرون الموت في أي لحظة ، فهل هناك عمل إنساني أفضل من هذا العمل !؟ هذا العمل البطولي قام به فريق متكامل من الأطباء السعوديين على مدار 24 ساعة متواصلة حتى ساعات فجر الأمس .

لقد أجريت تلك العمليات في مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام ، ومستشفى الملك فيصل بالرياض ، وكلنا فخر بهذه النخبة من أبناء المملكة المتميزون ، وإذا كان مستشفى الملك فيصل قد أشير له بالبنان في الكثير من المناسبات ، وهو بالفعل مفخرة للمملكة ؛ لما يضمه من خبراء وعلماء وأطباء ، وما يحتويه من مراكز أبحاث ، وإمكانات لوجستية ، وتجهيزات طبية تنافس المستشفيات العالمية ، فإن مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام يسير بسرعة هائلة ليحقق الإنجاز تلو الإنجاز وخاصة في زراعة الأعضاء ومعالجة الأورام وفق أفضل المعايير الدولية . فهذا المستشفى ورغم الضغط الذي يشهده كونه مستشفى تخصصيا ، إلا أن خدماته ومستوى العلاج الذي يتبناه والإهتمام بالمرضى ، جعله الأهم من بين المستشفيات الحكومية في المنطقة .

صدقوني … إن العمليات التي تمت والجهود التي بذلت ، بحاجة إلى المزيد من التغطية الإعلامية ، ليس من باب الدعاية ، إنما من باب تشجيع التبرع بالأعضاء وتبيان فضلها عند الله سبحانه وتعالى .

رحم الله المتوفاة رحمةً واسعةً ، وشكرا لعائلتها الكريمة ، وألف تحية لفريقي العمل السعودي في مستشفيي الملك فيصل بالرياض والملك فهد بالدمام “التخصصين” على هذا العمل الكبير ، ولكم تحياتي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *