الرأي , سواليف

حلف تركيا وإيران

محمد البكر

كاتب وصحفي سعودي، نائب رئيس التحرير السابق في صحيفة (اليوم) السعودية، معلق رياضي سابق.

في الأسبوع الماضي كتبت منتقداً إصرار البعض على زيارة تركيا والإستثمار فيها رغم ما تتعرض له المملكة من حملات شعواء وتحريض على الوطن والقيادة من أردوغان . ولقد تألمت كثيراً عندما لاحظت غضب بعض القراء المعترضين (وإن كانوا قلة) على مطالبتي بمقاطعة السياحة التركية والإستثمار فيها بحجة أنها بلد مسلم وقريبة منا ومناظرها الطبيعية خلابة وأسعارها مناسبة (حسب تبريراتهم) .

وبغض النظر عن تلك التبريرات ، إلا أنني أختصر الكلام لأقول لهم .. لو كان جارك يملك محلاً جميلاً وليس ببعيد عنك ولديه كل ما تحتاج وبأسعار تناسبك ، لكنه يسيء لأهلك ويسعى لتدمير استقرار عائلتك ويحرض القاصي والداني عليك ويهاجم ولي أمرك في كل صباح ومساء … فهل من المنطق أن تزوره وتشتري منه وتشجع الآخرين على زيارته وتعترض على أي فرد من أسرتك يطالب بمقاطعته !؟ . الجواب الطبيعي للإنسان العاقل الذي يقدم مصلحة أهله على مصلحته الشخصية هو ( لا ) .

أما من يضرب بمصلحة الجميع ليحقق أي مبرر من المبررات التي أشرت إليها آنفا فهو بلا شك إنسان أناني ولن أقول أكثر من ذلك . وما ينطبق على تركيا في ظل هذه القيادة ينطبق على أي بلد يسيء لبلدنا وقيادتنا وشعبنا بغض النظر إن كان عربيا كلبنان أو أجنبيا كتركيا .

علاقاتنا مع تركيا قبل حكم أردوغان كانت علاقة صداقة فتركيا في موقعها الحالي منذ مئات السنين ونحن كذلك جيران يربطنا الدين . وقد استمرينا كذلك ولم يتغير شيء إلا عندما جاء أردوغان بعقليته العثمانية ، وبأطماعه وأحلامه التي تتخطى حدود وطنه ولا تحترم الأخوة والجيرة .

لقد صمت إعلامنا السعودي كثيراً على تجاوزات تلك القيادة ولم يتعرض لتركيا ولا لمن يزورها من المواطنين السعوديين ، على أمل أن تتغير مواقف سلطانهم . إلا أن غرور هذا العصملي وتماديه وتجاوزه لحدود اللباقة والعرف الديبلوماسي ، عقّد الأمور وساهم في تأزيم العلاقات بين المملكة وتركيا . ولعل اصطفافه وبشكل واضح مع المعسكر الإيراني وتأييده لهم ولمواقفهم المرفوضة دوليا والتي كان آخرها الهجمات الأخيرة على معملي أرامكو السعودية ، لأكبر دليل على تلك المواقف العدائية التي يتبناها . وعلى كل من يغضبه انتقادنا له ولسياسته ، أن ينظر لما يقوم به اليوم من تجييش وحشد أمام قنصلية المملكة في اسطنبول في ذكرى رحيل السيد جمال خاشقجي يرحمه الله ، رغم أنه لا يزال يحتجز أكثر من 100صحفي خلف القضبان ، و يحضر 200 ألف موقع ويغلق 180 منفذ إعلامي عدا الجرائم التي ارتكبت بحق معارضيه وسجلت ضد مجهول . فبيته من زجاج ومع ذلك لا يفوت فرصة للنيل من المملكة وقيادتها إلا وقد انتهزها بكل وقاحة .

بعد كل ذلك فإن انتقاد تركيا وقيادتها وكل من يزورها أو يستثمر فيها بات أمراً لا مفر منه . فالعداء ليس له ألوان والعدو هو العدو مهما اختلفت الأسباب . ولكم تحياتي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *