الرأي , سواليف

بقيق .. خريص .. دقت الساعة

محمد البكر

كاتب وصحفي سعودي، نائب رئيس التحرير السابق في صحيفة (اليوم) السعودية، معلق رياضي سابق.

كان التوقيت فجرا عندما تم تنفيذ الإعتداء الآثم على معملي بقيق وخريص . ومع اللحظات الأولى لتداول الخبر ، كان العالم يلتقط أنفاسه . فذلك الحدث الإجرامي تسبب فورا في توقف إنتاج 5,7 مليون برميل من الزيت الخام في اليوم . بالإضافة إلى كميات كبيرة من سوائل الغاز الطبيعي والإيثان . وكلنا يعلم بما فينا البسطاء من الناس ، ماذا يعني فقدان سوق النفط العالمي لهذا الكم من الإنتاج ، وما يتركة من خطر على اقتصادنا الوطني . كان من الطبيعي أن تقفز أسعار النفط رغم توقيته في عطلة نهاية الأسبوع حيث توقف البورصات العالمية . ففقدان نصف إنتاج المملكة يعني شحا في المعروض وارتفاعا جنونيا في الأسعار وقد يخلق أزمة تدمر اقتصاد العالم . ومن هنا كانت لردة فعل شركة أرامكو السعودية للتعامل مع الحدث الخطير أبلغ الأثر في طمأنة العالم . فمنذ لحظة الإنفجارات كانت استجابة ارامكو غير مسبوقة على الإطلاق . حيث تمت السيطرة على الحرائق الكبيرة والمتعددة وإخمادها في أقل من سبع ساعات ، رغم أن المنطقة كانت مملوءة بالمواد الهيدروكربونية شديدة الإشتعال .

عمل بطولي لا يقوم به إلا كوادر متميزة تم تدريبها بشكل أدهش العالم . ومع أن إخماد الحريق والسيطرة على الغازات المنبعثة هو عمل بطولي وكما قلت ، إلا أن النجاح الباهر تمثل في إعادة إنتاج معمل خريص خلال 24 ساعة من الهجوم التخريبي ، واستئناف معمل ابقيق في انتاج 2 مليون برميل يوميا في فترة وجيزة ، مما يعتبر إنجازا غير مسبوق في كل الأحداث المماثلة له حول العالم . لقد أثبتت أرامكو بأنها شركة عملاقة تملك من الكوادر ما يضعها في مقدمة الشركات النفطية العالمية .

النجاح الآخر الذي حققته ارامكو السعودية هو ضمان عدم تأخير أو إلغاء تسليم أي شحنة إلى عملائها بسبب تلك الهجمات ، فرسخت بذلك موثوقيتها في الأسواق العالمية . ورب ضارة نافعة ، فحين أراد المجرمون إلحاق الضرر بمكانة المملكة من حيث قدرتها على تأمين إحتياجات العالم من هذه السلعة المهمة ، أراده الله عز وجل خيرا لنا من حيث التأكيد على قوة المملكة وقدرتها على حماية واستقرارأسواق النفط .

لدى ارامكو ثلاثة عناصر مهمة اعتمدت عليها ارامكو لتأكيد تلك الموثوقية . أولها هو الثروة البشرية من أبناء الوطن ، وثانيها الإحتياطات الهائلة من الموارد الهيدروكربونية ، وثالثها البنية التحتية الضخمة من المرافق والمعدات .

لقد قلت بأنه رب ضارة نافعة ، ولا بأس من تكرار ما ذكرته آنفا . فبعد الإعتداء الإجرامي ، ضرب شركاء ارامكو من الشركات الوطنية أروع الأمثلة حينما بادروا إلى مد يد العون والمساعدة ، من أجل إعادة البناء واستعادة مستويات الإنتاج . ليس ذلك فحسب ، بل حتى الكثير من الموظفين السابقين من داخل المملكة ومن خارجها ، قاموا بالتواصل مع الشركة للتعبيرعن تضامنهم معها ، ومبدين رغبتهم بالتطوع للعمل ومساعدة شركتهم في هذه الأوقات الصعبة .

لقد مرت الأعمال البطولية التي قام بها رجال أرامكو السعودية رغم أهميتها مرور الكرام على الكثير من وسائل الإعلام السعودية ، كما أن الكثير من الناس لم يقدروا حجم تضحيات أولئك الأبطال الذين عملوا ببسالة ولساعات طويلة وسط الحرائق وانتشار الغازات إلى أن أخمدوا النيران وسيطروا على إنتشار الغازات وأعادوا الإنتاج إلى وضعه الطبيعي في ملحمة وطنية كبرى . شكرا لكم على ما قدمتموه وما قمتم به والله يحفظ وطننا من كل شر ولكم تحياتي .

رد واحد على “بقيق .. خريص .. دقت الساعة”

  1. يقول يوسف احمد الدليجان:

    سبق وان اشرت الي هذا الموضوع وغردت بأن هؤلاء هم الابطال الحقيقيين… علي كل حال نشكر لك التفاتتك لهؤلاء الابطال و الاشاده بهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *