مبادرة «سند» .. وتوحيد العمل غير الربحي

في مجتمع عرف بالخير حتى أيام شظف العيش وقلة الموارد كالمجتمع السعودي تكثر الجمعيات والمبادرات والجهود لتقدم المساندة المادية للفئات الأكثر حاجة. وتحظى فئة الشباب المقبلين على الزواج باهتمام خاص حيث يجد الشاب المتزوج العشرات والمئات من معارفه يقدمون له المساعدة أو ما يعرف بـ”العانية” التي لا أحد يرفضها حتى ولو كانت مبلغا متواضعا، وقد لا تشكل شيئا يذكر من المهر وتكاليف الزواج.. وإنما تقبل باعتبارها مشاركة معنوية في المقام الأول.. ويجد هذا النوع من المساعدات قبولا من المتبرعين.. وقد وقفت على ذلك من خلال جمعية خيرية اعتمدت مشروعا لمساعدة الشباب على الزواج، وتكفل متبرع واحد بالتكاليف السنوية للمشروع ولا يزال مستمرا ولله الحمد.. ولا شك أن هناك مشاريع مماثلة لدى جمعيات ومتبرعين آخرين.. وأمام تعدد الجهود ليس في مجال مساعدة المتزوجين فقط وإنما تقديم المساندة المادية للفئات الأكثر احتياجا بصفة عامة كان لابد من توحيدها، وجاءت مبادرة “سند” التي صدرت عن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لدعم جميع النشاطات غير الربحية الهادفة إلى مساعدة المحتاجين إلى الدعم والمساندة في سبيل بناء مجتمع تتكاتف فيه الجهود لرعايته وتحقيق أهدافه عبر تلمس احتياجات فئات المجتمع وتقديم الدعم المادي للشرائح المحتاجة عبر الآليات الملائمة.. ومن بوادر نجاح هذا البرنامج المبارك أن بدأت الخطوات بـ”سند الزواج” حيث إن بناء الأسرة هو أساس المجتمع السليم، ومن يستعرض شروط “سند الزواج” يجد أنها تحدد الفئات المستهدفة بكل وضوح فالعمر ومستوى الدخل الشهري والمهر المناسب جميعها شروط معتبرة.. كما أن الأهم إتمام دورة الوعي المالي وتحقيق درجة لا تقل عن 60 في المائة لكي يكون قادرا على إدارة أموره المالية الأسرية بعد الزواج لتجنب الوقوع في أزمات مالية تعكر صفو حياته الأسرية.. وكان لابد من لفتة تعطي المبادرة بعدا وطنيا وإنسانيا ولذا حددت الأولوية لأبناء شهداء الواجب والأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة.

وأخيرا: هنيئا لهذا الوطن بأصحاب المبادرات العالية من هذا النوع والمؤمل أن يتم تنفيذها حسب فكر وهمة صاحب المبادرة بعيدا عن مسالك الروتين التي عطلت كثيرا من الأعمال التطوعية غير الربحية التي يزخر بها مجتمع الخير منذ أن كان الآباء والأجداد يتبرعون من محصول مزارعهم وماشيتهم لدعم أعمال الخير خاصة ما يعين الشباب بنين وبنات على الزواج في الوقت المناسب قبل فوات الأوان ما ساعد على بناء مجتمع سليم خرج المؤهلين والمؤهلات في شتى المجالات وفي ظل زواج سعيد يستمر لسنوات العمر التي لم تدب خلالها الخلافات الزوجية وتنتهي بالطلاق نتيجة الأزمات المالية الناتجة عن المغالاة في المهور والتكاليف الأخرى وتراكم الديون.. لأن البداية غير صحيحة وإدارة الوعي المالي غير سليمة.

والخلاصة: أكرر أن أهمية التوعية ليست في الجانب المالي فقط وإنما حول أهمية الزواج في السن المناسب، وبناء العلاقة الزوجية على الاحترام أولا ثم الحب ثانيا.

علي الشدي

نقلاً عن (الاقتصادية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *