عربة الاقتصاد .. تقود العالم العربي

ختزن المساحات الشاسعة من الصحاري في العالم العربي معظم ثروات العالم، ليس فقط النفطية، إنما الذهب والفضة والفوسفات والحديد وغيرها من المعادن التي يحتاج إليها العالم لبناء مدنه وتشغيل مصانعه.. ومع ذلك، ظل هذا الجزء الغني متأخرا بسبب الصراعات والحروب وضياع بوصلة الطريق إلى التقدم عن طريق الاستغلال الأمثل لتلك الثروات.. ومجابهة تهديدات الغرب الذي يريد أن يستولي على تلك الثروات مجانا، وكان ذلك يتم في الماضي بصمت، لكن الأصوات ارتفعت أخيرا في الخطابات الانتخابية وباستغلال أي حادثة جنائية وفردية وإلباسها ثوبا سياسيا واسعا كما حدث في الأسابيع الماضية وظهر الدليل القاطع على سبب استهداف بلادنا بهذا الشكل الواضح بعد إعلان الأمير محمد بن سلمان ولي العهد أن السعودية تقود عربة الاقتصاد والتقدم في العالم العربي كله وليس على المستوى المحلي فقط ووعد بكل جدية “أن يكون الشرق الأوسط أوروبا الجديدة” ورسم صورة جميلة لمستقبل الشرق الأوسط اقتصاديا، مؤكدا أن لديه إيمانا عميقا بأن هذه المنطقة على موعد مع التنمية الشاملة والتقدم والازدهار في القريب العاجل.. وركز ولي العهد على ما حققته السعودية خلال السنوات الثلاث الماضية وقدرتها على مضاعفة الناتج القومي غير النفطي لثلاث مرات، معلنا ميزانية قياسية هذا العام.. ثم تحدث عن صندوق الاستثمارات العامة وعن نمو الاقتصاد السعودي داعيا إلى النظر إلى الأرقام والإحصاءات لمعرفة الحقيقة.. وأكد، وهذا هو الأهم، أن الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية مستمرة ولن يوقفها أحد.. ولم يكتف قائد عربة التقدم بالحديث عن بلاده فقط، إنما أشار إلى دول الخليج العربي وبعض الدول العربية التي كانت تعتمد على دخل النفط وغيرت استراتيجيتها للاعتماد على قطاعات اقتصادية أخرى، وذكر بالاسم دولا تملك إمكانيات ضخمة، مؤكدا أن منطقة الشرق الأوسط ستشهد نهضة كبيرة خلال العقود الثلاثة المقبلة، معلنا أن نهضة المنطقة تعد “حربه الشخصية” التي يقودها وسيتم تحقيق الهدف 100 في المائة، بإذن الله. وبعد هذا الحديث القوي يأتي من يستغرب استهداف قوى إقليمية وغربية بلادنا وولي العهد بشكل خاص! وعودة إلى مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار” في الرياض خلال الأسبوع الماضي أقول، إن هناك من توقع عدم نجاحه بعد الحملة الهوجاء على بلادنا وتأثر بعض رؤساء الشركات بهذه الحملة ما دفعهم للاعتذار وإرسال من يمثل شركاتهم، وكانت كما يقال “ضارة نافعة”، حيث أثبت المؤتمر سلامة موقف بلادنا وقوتها وكان الحضور كبيرا والاهتمام أكبر، ووقعت خلال المؤتمر عقود استثمارية قاربت 60 مليار دولار.. وخسر من غاب عن هذا التجمع الاقتصادي الكبير الذي امتدت فيه الاستثمارات السعودية إلى بلدان تشكل البديل الأقوى للتعامل معها، مثل روسيا والصين وغيرها، ودخلت شركة أرامكو العملاقة بشراكات لإقامة مصاف ومصانع في تلك الدول. وأخيرا: أهم ما لوحظ في هذا المؤتمر إضافة إلى الصفقات الكبيرة، اعتماد التقنية في كل المجالات.. وهذا الاعتماد سيجعل نهضة الشرق الأوسط الجديد تطير بجناحين: الاقتصاد والتقنية.. وعلى من يهدد الدول العربية بالمقاطعة أن يعلم أن البدائل موجودة والمال والتقنية والعقول المتوافرة هي أسلحة المستقبل التي أهملت في سنوات اعتمادنا على الآخرين.

علي الشدي

(الاقتصادية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *