ولي العهد.. حديثٌ يخرسُ الأعداءَ

الحنكة والأناة والرؤية البعيدة المدى من أهم سمات القيادة الناجحة المميزة، وولي عهدنا الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان قائد من الطراز الأول يتمتع بهذه الصفات النادرة التي تجعله قادراً على الإمساك بزمام المبادرة في كل الأحوال، وحصيفاً في قراءة المعطيات والمؤشرات آنياً وعلى المدى البعيد.

في حديثه العام لوكالة «بلومبيرغ» -حفظه الله- وضع النقاط على الحروف، وقطع دابر التخرصات وأخرس من يريدون الصيد في الماء العكر.

تحدث سموه الكريم عن وطنه بفخر واعتزاز مذكراً بأمجاده وتاريخه، مؤكداً على سيادته واستقلالية قراره دون أن ينجر إلى لغة المهاترات، وسلط الضوء على دور المملكة المهم إقليمياً ودولياً، وأوضح أن المملكة العربية السعودية سبقت قيام الولايات المتحدة، وأنها عبر تاريخها الطويل لم تعتمد في الدفاع عن نفسها إلاّ على الله، ثم على قدراتها الذاتية التي لم تألُ جهداً في تطويرها بأموالها، إذ لم يمنّ عليها أحد بالأسلحة والعتاد مجاناً، وقالها سموه بمنتهى الشجاعة والوضوح إننا لا ندفع شيئاً لحماية أمننا لأي دولة.

ولأن هذا الحديث العام جاء متزامناً مع تصريحات مثيرة للجدل للرئيس الأميركي دونالد ترامب، فقد حرص سمو ولي العهد في وضع العلاقات السعودية – الأميركية في إطارها الصحيح كشراكة إستراتيجية تاريخية تخدم مصالح البلدين الصديقين، وتكمن أهمية هذه الشراكة التي بدأت بلقاء الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه – والرئيس روزفلت التاريخي العام 1945م في كونها عنصراً مهماً في المحافظة على الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وهذا هدف إستراتيجي للأمن والسلم الدوليين..

وأكد سموه الكريم أن علاقة بهذه الأهمية وهذا المستوى وبكل ما فيها من مصالح للشعبين الصديقين لا يمكن أن تتأثر بتصريح هنا، أو هناك، خاصة أن من يعرفون السياسة الأميركية يدركون ما يكتنف أجواء المواسم الانتخابية من مزايدات.

لقد كان موقف القيادة السعودية حكيماً جداً بعدم الإنجرار إلى تصعيد كلامي لا يخدم مصالح البلدين، ولا يفيد إلا أعداء المملكة الذين طالما سعوا إلى تخريب هذه العلاقة، وفي الوقت نفسه استطاع سمو ولي العهد أن يصحح الرؤية من خلال استعراض أهمية المملكة في المحافظة على استقرار أسواق النفط، ورؤيتها التنموية الطموحة 2030 بكل ما تضمنته من مشروعات تنموية عملاقة وفرص استثمارية هائلة لشركاء المملكة وبرامج إصلاحية على الصعد كافة الاقتصادية والاجتماعية..

وأكد سموه أن المملكة ماضية قدماً في تنفيذ كل هذه الخطط والمبادرات في أجواء من الاستقرار الداخلي والفرص اللامحدودة للتعاون مع الأشقاء والأصدقاء..

وجاء الحديث لوكالة «بلومبيرغ» فرصة ليعيد سمو ولي العهد تأكيد مواقف المملكة الثابتة إزاء القضايا التي تهم الأمن والسلم الإقليمي، بما في ذلك السعي لحل سياسي للوضع في اليمن لا يمكّن إيران من إقامة جيب لحزب الله جديد في هذا البلد الذي يدفع اليوم ثمن مغامرة الانقلاب الحوثي العميل، وأوضح سمو ولي العهد أن المملكة لن تتخلى عن مجلس التعاون الخليجي، وهي تتعاون مع أشقائها في المجلس لمواجهة التحديات الإستراتيجية التي تواجه المنطقة.

هذه قراءة سريعة في حديث سمو ولي العهد الذي وضع حداً لكثير من تكهنات وتمنيات أعداء المملكة وخصومها، فالعلاقات الإستراتيجية بين المملكة وأميركا ليست منحة، لكنها شراكة قائمة على كم هائل من المصالح المتبادلة، شأنها شأن كل العلاقات السياسية عرضة للشد والجذب وتباين وجهات النظر، وتبقى في جوهرها علاقة ثابتة وراسخة ومفيدة للبلدين وللأمن والسلم الدوليين.. ولهؤلاء الأعداء نقول نحن أعرف بمصالحنا، ونحن أسياد قرارنا، وتهريجكم وصراخكم سيذهب هباء كما هو شأنكم دائماً.

حفظ الله مليكنا وسمو ولي عهدنا ليقودا هذا البلد المقدس إلى ذرى المجد بحنكتهما وحكمتهما وبصيرتهما النافذة وقيادتهما الرشيدة.

فهد بن راشد العبدالكريم

(الرياض)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *