إيران سياسة تصفير الصداقات وصناعة الأعداء

ما زرعته إيران خلال الثلاثة العقود الماضية من خلال نَكشْ عِش الدبابير في المنطقة والعالم هي الآن تحصده، فمن يزرع الشوك ﻻ يجني العنب. فسياسة تصفير العلاقات والصداقات التي اتبعتها إيران مع دول الجوار والمجتمع الدولي وصناعة الأعداء من خلال أنشطتها العدائية المزعزعة لأمن واستقرار المنطقة، لا سيما من خلال ميليشياتها المسلحة في العراق، وسوريا، واليمن ولبنان، أدى إلى تصاعد الاحتجاجات داخليًا، وتأزم علاقاتها الخارجية. فعندما يتبجح نائب قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال حسين سلامي ويقول إن «المسؤولين في إيران لم يكونوا يتوقعون هذا الانتشار السريع لـ(الثورة الإسلامية) خارج الحدود لتمتد من العراق إلى سوريا ولبنان وفلسطين والبحرين واليمن وأفغانستان». ثم يأتي في السياق نفسه حيدر مصلحي، وزير الاستخبارات الإيراني السابق في حكومة محمود أحمدي نجاد ويذكر ان «إيران تسيطر فعلًا على أربع عواصم عربية». ويصرح علي يونسي مستشار الرئيس الإيراني لشؤون الأقليات السابق بأن العراق تعتبر «عاصمة لإمبراطورية إيران الجديدة». وتتواتر التصريحات والسلوك على الأرض في نفس السياق الاستفزازي والمناقض لكل مبادئ وأعراف القانون الدولي، هل كانت إيران تعتقد أن هذه الدول سوف تستقبلها بالورود مثلًا وأن هذا السلوك سوف يعزز علاقاتها مع هذه الدول، بل أدى بشكل طبيعي إلى تأزم علاقاتها الاقليمية وإلى حشد كل دول المنطقة ضدها. فقد أدانت كل الدول العربية إما بشكل فردي أو عن طريق الجامعة العربية، التدخلات الإيرانية في شؤونها. وكثير من هذه الدول قطعت علاقاتها الدبلوماسية معها كان اخرها المملكة المغربية التي قطعت علاقاتها مع إيران وطردت سفيرها بعد تأكدها أن إيران وميليشيا حزب الله، تدعمان جبهة البوليساريو بتدريب مقاتليها وتسليحهم. ولم يقتصر هذا على الدول العربية بل حتى الدول الإسلامية أدانت بشكل واضح وصريح تدخلات إيران في شؤونها الداخلية ودعمها المتواصل للإرهاب. وبالتالي «هاتان الذراعان العربية والإسلامية اللتان كانت تعتمد عليهما إيران كشرعية لخطابها الثوري وغطاء لتدخلاتها في شؤون الدول الأخرى فقدتهما بخسارة دعم هاتين المنظمتين وأصبحت معزولة عربيًا وإسلاميًا».

ليس هذا فقط بل إن الاتفاق النووي الذي تم في 2015 بين إيران ومجموعة 5+1 (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين بالإضافة إلى ألمانيا) وعول عليه المجتمع الدولي الكثير، لم يعمل على تحجيم التهديدات الإيرانية في المنطقة، بل على العكس عزز من سلوك ايران الاستفزازي وزاد من تدخلها السافر في شؤون جيرانها ومواصلة العبث بأمنها واستقرارها واثارة النعرات الطائفية بواسطة الجماعات والميليشيات الطائفية التابعة لها مما أدى بالنهاية إلى الانسحاب الأمريكي منه والضغط على الدول الأوروبية للانسحاب منه وفرض العقوبات من جديد عليها. وبالتالي سقطت ورقة التوت الأخيرة عن نظام ولاية الفقيه واحتشد المجتمع الدولي كله ضد إيران. خسرت إيران عربيًا وإسلاميًا وغربيًا وخسرت قبل هذا شرعيتها الداخلية وأصبحت معزولة بشكل كامل وكل هذا بسبب مكاسب ونفوذ وقتي كان «قصرا من خيال فهوى».

وأخيرًا سياسة تصفير العلاقات ربما تمنح مكاسب ونفوذًا وقتيًا لكنها بلا شك على المدى الطويل خسارة استراتيجية كبيرة وصناعة للأعداء وحشد العالم والمجتمع الدولي كله ضدك وبالنهاية إما الرضوخ لقواعد القانون الدولي والأعراف الدولية التي تحكم المجتمع الدولي وإما إسقاط للنظام. واعتقد أن إيران قررت منذ زمن مجابهة العالم وهي الآن تجني الحصاد.

د.ابراهيم العثيمين

(اليوم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *