من هتلر إلى تميم.. عندما تستغل كرة القدم فى الترويج للاستبداد

الرياض/ متابعة عناوين

سلطت صحيفة الدستور القاهرية الضوء على قرار الاتحاد السعودي لكرة القدم، الخاص بمقاضاة مجموعة قوت بي إن سبورت القطرية، بعد تسيسها للرياضة، مشيرا إلى أن تنظيم الحمدين القطري يشبه أعلتى الأنظمة الاستبدادية عبر التاريخ في استغلال الرياضة سياسيا.

وقال التقرير : “على هامش الملاحم التي تقام على أرضيات المستطيلات الخضراء بغرض اقتناص الألقاب، تنقلب الأمور للتحول لصراعات تملأ فضاء الشاشات الكبرى، أو حتى يمكن أن تكون آداة تستغلها الحكومات للدعاية لبرامجها السياسية، لتضحى ساحرة الشعوب موردا مهما للحكومات سواء في توطيد علاقاتها بالدول الأخرى، أوشن حرب إعلامية ضد أخرى.

 

بالأمس اشتكي اتحاد كرة القدم السعودي، مجموعة قنوات “بي إن سبورت” القطرية إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم، متهما القناة المملوكة لتنيظم الحمدين المتهم من قبل دول الرباعي العربي (مصر – الإمارات – السعودية- البحرين) بتمويل ودعم الإرهاب، بتسيس كرة القدم.

 

وقال الاتحاد السعودي إن القناة القطرية، أقمحت السياسية في المنافسات الرياضية، وبثت رسائل سياسية تهدف للإساءة للمملكة وقياداتها، وذلك في إطار التحريض وإثارة الكراهية بين الجماهير والشعوب في المنطقة.

 

ليست الشكوى السعودية هي أول ما يثار في مشوار الساحرة المستديرة،المفتون بها العالم أجمع، مع الحكومات، حيث سجل التاريخ الكروي سردا دمويا أحدثته كرة القدم، لجانب استخدامها في الدعاية لأعتى الأنظمة استبدادا.

 

لم يقف الأمر عند سلطات الحاكم في الدوحة، أو النظام الذي اصطلح إعلاميا تسميته بتنظيم الحمدين، فالأمر نفسه كان حاضرا على طاولة الزعيم النازي أودلف هلتر، والفاشي الإيطالي بينيتو موسوليني.

 

السياسية وكرة القدم

في ورقة بحثية لمركز المستقبل للدراسات المتقدمة منشورة في 13 يونيو الجاري يقول الباحث عمرو عبدالعاطي: “دائمًا كانت السياسة حاضرة في الفعاليات الرياضية، خاصةالمتعلقة بكرة القدم، حيث كانت تعبر في كثيرمن الأحيان عن اتجاهات التعاون والصراع بين الدول المشاركة فيها..

 

ووفقا للباحث كانت سببًا في اندلاع أزمات سياسية وصراعات مسلحة في أوقات مختلفة، على غرار ما حدث بين السلفادور وهندوراس في عام 1969، والأزمة السياسية التي اندلعت بين مصر والجزائر في عام 2010.

 

ولجأت القناة القطرية التي تحتكر بث مباريات كرة القدم، إلى انتقاد معارضي تنظيم الحمدين، والهجوم على قيادات الرباعي العربي، وهو ما تصفه الأكاديمية هالة منصور أستاذ علم الاجتماع بجامعة بنها، بأنه جزء من حالة التوظيف والاستغلال الذي تلجأ إليها بعض الأنظمة أحيانا لتحويل انتباه المتلقي عن قضايا أكبر”.

 

وتضيف ” للدستور” أن بعض الحكومات تلجأ إلى مباريات كرة القدم لإلهاء مواطنيها بصناعة هالة حول بعض المباريات لتفريغ شحنات الغضب، وقد تستغل حدثا كرويا لمثل هذه الأغراض بتعظيم الفرحة أو الهزيمة، والتركيز على الانجاز، لذا تجد إحدى الدوريات الرياضية تحظى بحفاوة الجهات التنفيذية والإعلام وبعضها يمر دون الانتباه له.

 

حرب المائة ساعة

ما يؤكد أن اللعبة المثيرة ليست فقط بهدف التسلية، وإنما باتت مهمة السياسيين والاقتصاديين حتى أنها تسببت في اندلاع حروب كالتي دارت روحاها بين هندوراس والسلفادور عام1969، ‏عندما دخلت الدولتان في صراع عسكري لمدة مائة ساعة بسبب منافسة كروية وصلت إلي ذروتها في مباراة جرت بين فريقي البلدين في إطار تأهلهما لنهائيات كأس العالم لعام ألف وتسعمائة وسبعين‏.

 

وسبق المبارة تفاقم للمشكلات السياسية بين البلدين بسبب قضية الهجرة من السلفادور إلي هندوراس‏، ‏ثم اندلعت أعمال شغب خلال المواجهة تسببت في المواجهة العسكرية.

 

موسيليني والكرة

ولم تكن الساحرة المستديرة بعيدة عن أنظمة الحكم الشمولية،‏ فالزعيم الفاشي بينيتو موسوليني (19221943) كانت له وقفات مع كرة القدم، حيث استغلها في تحقيق مكاسب سياسية.

 

وعمد النظام الفاشي إلى استغلال نهائيات بطولة كأس العالم التي جري تنظيمها في إيطاليا خلال عام 1930، الترويج لفكره فيما كانت الساحة العالمية تغلي ببدايات الحرب العالمية الثانية‏.‏

 

ولجأ موسوليني إلى بناء نصب تذكاري عملاق بهذه المناسبة للدعاية لبلاده، ولعقيدتها الاستعمارية الفاشستية‏، كما أن كتب التاريخ الرياضي تقول إنه تدخل حتي في اختيار حكام المباريات كي تفوز بلاده بهذه البطولة‏.

 

هتلر المونديال

الأمر نفسه كان حاضرا في ذهن الزعيم النازي أدولف هتلر (19331945) فحاول استغلال كرة القدم، في خدمة سياسته، وكانت قراراته أكثر القرارات السياسية التى شهدها تاريخ اللعبة حينما أجبر الفريق القومي للنمسا على الانسحاب من المنافسات في عام ألف وتسعمائة وثمانية وثلاثين، والانضمام لفريق ألمانيا وقتها كان واحدا من أكبر فرق كرة القدم في العالم، لكن لسوء حظه تمكن هتلر من ضم النمسا لبلاده.

 

  

في عام 1958، رفض لاعبو الكرة الجزائريون الذين كانوا يلعبون في الدوري الفرنسي الانضمام إلي الفريق القومي الفرنسي خلال بطولة كأس العالم التي جري تنظيمها في السويد‏، احتجاجا علي الاستعمار الفرنسي لبلادهم‏.

 

ووقتها وقرر اللاعبون الفرار من الأراضي الفرنسية وشكلوا فريقا قوميا جزائريا في خطوة رمزية علي طريق استقلال بلادهم في أوائل حقبة الستينيات من القرن المنصرم‏.

 

وبعيدا عن الدرسات البحثية التي تناولت الاستغلال السياسي وتوظيف كرة القدم لخدمة مآرب الحكم، أرخ عدد من كبار الكتاب والمفكرين، لهذا التوظيف أشهرها كتاب كرة القدم والسياسية، الألعاب الخطرة، لمؤلفه الفرنسي بنجامان دانيت، وهو يرسم ملامح تداخل الكرة مع السياسة في عدد من الأندية الفرنسية، ويكشف استغلال سياسيين فرنسيين للكرة من أجل خدمة أهدافهم وأجنداتهم السياسية، وتوظيف اللعبة في الدعاية الانتخابة.

 

ويسرد الكتاب عددا من الوقائع المتعلقة بأندية فرنسية عريقة مثل أولمبيك مارسيليا، ليل، باريس سان جيرمان، وسانت إيتيان وغيرها من الفرق التي طبعت عالم الكرة، كما أنها كانت محطة أساسية قفز عبرها السياسيون نحو المناصب والمسؤوليات الكبرى.

 

ويتطرق كتاب “الكرة والسياسة الألعاب الخطرة” إلى علاقة عمدة باريس مع الكرة، وارتباط أشخاص مثل بيرنار تابي وغاستون دوافير مع فريق مرسيليا، والحب المشبوه الذي يربط أندري دوليليس مع فريق لانس، وقضية الصندوق الأسود لفريق سانت إيتيان، والذكريات المثيرة لميشيل هيدالغو، مدرب المنتخب الفرنسي في أيام مجده، مع كبار قادة الجمهورية الفرنسية.

 

وضمت المكتبة العربية العديد من الكتب التي تناولت نفس الموضوع منها كتاب ياسرطلعت “حروبكرةالقدم” وكتاب المعلق الرياضى الراحل عادل شريف “قصةكأس العالم”.

 

وترجم صالح علمانى كتاب المؤرخ الأمريكي اللاتيني الأشهر ادوارد غاليانو “كرةالقدم فى الشمس والظل”.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *