هواتف العُملة على الطريقة القطرية!

الثوب الأبيض لا يقبل الدنس، الصادق لا يسكت عمّن يصفه بالكذب، كما أنّ الأمين لا يرضى أن يجرح أحدٌ أمانته أو يطعن في ذمته.

لعل ذلك ما يبرر حماس الكثير من المواطنين في بلادي عند الرد على من يتعرض أو يشكك في مواقفها الثابتة من أبرز القضايا الإسلامية والعربية.

هذا أمر طبيعي بالفطرة فحب الوطن لا يضاهيه حب، ولا يرقى لمستواه عاطفة أو شعور أو انتماء.

يعجبني هذا الحماس الذي يدل بكل تأكيد على إدراك بالغ لما تمثله المملكة من ثقل ومكانة إقليمية ودولية، وما تمارسه من أدوار يعجز الآخرون عن التصدي للوفاء بها إلا في الكلام والخطب.

لكن لذلك حدوداً.. فلا يمكن أن نلقي بالاً لكل مغمور يريد أن يتحول إلى هاتف عمله في سلسلة طويلة من المرتزقة الذين باعوا أوطانهم قبل ضمائرهم.

الأزمة مع الدوحة أفرزت لنا الكثير من هذه النماذج، بعد أن حولت مقدرات الشعب القطري لحملة إعلامية لمهاجمة كل ما نمثله من قيم ومبادئ فأطلقت أبواقها لمهاجمة النخلة المثمرة دون أن تصيب منها تمرة.

يستحيل أن تجد من ينتقد المملكة أو الإمارات ومصر في هذه المرحلة دون أن يكون له علاقة مباشرة بالدوحة وأذرعها الإعلامية ومن تدعمه من جماعات إرهابية وتيارات سياسية معروفة.

المال القطري منتشر بشكل كبير وبصماته الملوثة بدماء الأبرياء تخصصت إلى جانب تدمير الأوطان في شراء الذمم والولاءات.

شاهدنا عملاءهم كيف يركبون الطائرات الخاصة ويعيشون حياة الرخاء والأمن فيما شعوبهم تعاني من الحصار والجوع بسبب أشخاص بعينهم باعوا القضية لخدمة من يدفع لهم ويمول خياناتهم.

لا أمل فيمن ترك خنادق المقاومة واعتاد سكن الفنادق وخدمة الخمس نجوم أن يحرر أرضاً أو أن يقبل بمصالحة وطنية تحرمه هذا النعيم الخالي من الشرف.

على الرغم من مواقفنا التاريخية التي يشهد بها الأعداء قبل الأصدقاء يتعمد هؤلاء التشكيك فيما تعنيه لنا القضية الفلسطينية التي كانت وما زالت قضيتنا المحورية التي دعمنا فيها صمود الفلسطينيين بالدم والتضحيات قبل المساعدات والمال.

يريدون منّا أن نحصر مساعداتنا من خلالهم بدل أن تذهب لمن يحتاجها فعلاً، لذا هم يتجاهلون عمداً ما أنفقناه من مليارات على الشعب الفلسطيني والمؤسسات التي تقوم بخدمته في الضفة والقطاع، لأنها ببساطة لم تذهب إلى جيوبهم وحساباتهم في الخارج.

هؤلاء معروفون بالأسماء، كما أن من يدور في فلكهم ويتبنى نهجهم من أفراد وتنظيمات ليسوا بعيداً عمّا يقولونه ويرددونه من اتهامات تخرج من نفس المطبخ العفن الذي نعرف جيداً من يحتضنه ويمول مؤامراته.

على الرغم من انكشاف هذا النوع من الحملات المغرضة إلا أن حماسنا في الرد عليها يمثل الوقود الذي تتغذى عليه وتنتشر من خلاله.

لقاء تلفزيوني لم يسمع به أحد، أو تغريدة لا تحظى بأي تفاعل تتحول إلى #ترند عالمي، والسبب كمية الردود التي تأتي من عندنا باختلاف أنواعها ومستوياتها للتعاطي مع شخص أقل ما يقال عنه نكرة.

تجاهلوهم ودعوا الأفعال تتحدث.. وكما يقول المثل الشعبي الدارج “الحقران يقطع المصران”.. وهذا ما يستحقونه فعلاً.

محمد الطميحي

(الرياض)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *