القمة العربية .. والظروف الحرجة

تأتي القمة العربية التي تعقد في المملكة، في وقت ليس حرجا فحسب، بل خطير تمر به المنطقة العربية على أصعدة مختلفة. وهذه القمة تكتسب أهمية كبيرة، بسبب الأوضاع من جهة، ومن كونها تعقد في السعودية من جهة ثانية. فالمملكة تمثل محورا أساسيا لمنظومة العمل العربي ككل، كما أنها أخذت زمام المبادرة العربية (في الواقع) في أعقاب الاضطرابات التي شهدها غير بلد عربي مطلع العقد الحالي، يضاف إلى ذلك، أن السعودية تمثل أيضا محورا رئيسا على الصعيد العالمي، ما يمنح القمة العربية هذه مزيدا من القوة. وهذا يعني أن النتائج المرجوة ستظهر في نهايتها على الرغم من كل المعطيات السلبية التي تسود المنطقة حاليا. المملكة قدمت على مدى عقود مشاريع محورية لحل كثير من القضايا التي تخص العرب، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي ستكون حاضرة (كالعادة) في المقدمة، ولا سيما في أعقاب الأحداث المؤسفة التي تجري في قطاع غزة، وقرار الولايات المتحدة نقل سفارتها إلى القدس المحتلة. السعودية حملت مبادرتها العربية ووضعتها منذ عقدين تقريبا على الطاولة، ولا تقبل بأي شيء ينتقص منها، ما جعل المبادرة السعودية-العربية رقما صعبا في أي مفاوضات لحل هذه القضية. دون أن ننسى بالطبع، أن القيادة السعودية قالت منذ عقود، إنها تقبل بما يقبل به الشعب الفلسطيني، وأنها ستوافق على كل ما سيوافق عليه. الملفات كثيرة ومتشعبة في القمة العربية التي تعقد في الظهران. وستكون الأزمة في سورية على رأس جدول الأعمال بالطبع، إضافة إلى الأزمات الراهنة في اليمن والعراق وليبيا ولبنان وغيرها من المناطق العربية. مع ضرورة الإشارة إلى أن أغلبية هذه الأزمات لها رابطها الإيراني التخريبي. فالرياض أظهرت للعالم مدى وحشية وإجرام النظام الحاكم في إيران، بالإثباتات والدلائل، وقادت في الواقع حملة مكافحة الإرهاب في المنطقة، خصوصا أن إيران تمثل عماد الإرهاب والخراب. الموقف العربي واضح هنا، لا يمكن التفاهم مع هذا النظام قبل أن يغير بالفعل (لا بالقول) سياسته العدوانية تجاه المنطقة. حتى إن الموقف العربي الواحد ضد نظام الملالي يعد موقفا قوميا عالي الأثر والجودة. من هنا، التحديات كثيرة التي تواجه القادة العرب الذين أعرب أغلبيتهم عن المشاركة في قمة الظهران العربية. والمملكة تقوم بدور مؤثر وفاعل على صعيد رص وحدة الصف العربي، التي باتت ضرورية الآن أكثر من أي وقت مضى، نتيجة للمشاريع المريبة والتخريبية التي تستهدف أكثر من بلد عربي في آن معا. هذا اليمن بتدخلات إيران الطائفية الدنيئة فيه، وهذه سورية والعراق ولبنان، كلها تعج بقضايا وأزمات أكثر من خطيرة. من هنا يأتي الدور السعودي المحوري عربيا وعالميا لتعزيز المسيرة العربية بما يخدم الشعوب العربية، ونشر الأمن والاستقرار فيها، من خلال استكمال الحرب على الإرهاب، وتفعيل التنمية، وتعزيز البناء على أسس استراتيجية. وقبل هذا وذاك، تعمل المملكة من أجل إنهاء كل الأزمات بأقل التكاليف الممكنة، كما أنها تشدد على أن الحلول السياسية أفضل بكثير من الحلول العسكرية، لكن لا بد للطرف الآخر أن يستحق الحل السلمي من خلال مواقفه وصدقه وسياسته وسلوكياته. القمة العربية تأتي (مرة أخرى) بظروف أكثر من صعبة، كما أن الوقت ليس من مصلحة أي دولة عربية. فلا بد أن يتحرك العرب على أسس جديدة تكفل لهم نهايات لأزماتهم الكبرى بما يرضي شعوبهم أولا وأخيرا. والمملكة كانت وستظل تقف إلى جانب الشعوب ومصالحها، وتقوم بمسؤولياتها القومية، دون أن تنتظر مقابلا لذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *