لمحمد بن سلمان.. صنّاع التاريخ لا يموتون

«الموت فقط».. بهذه العبارة المقتضبة رد الرجل الذي يصنع برؤيته تاريخا سعوديا جديدا، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، على محاورته مقدمة البرنامج العالمي الشهير 60 دقيقة على شاشة قناة CBS الأمريكية، بعد أن سألته «هل هناك أي شيء يستطيع إيقافك؟»، والحق أن صناع التاريخ في جميع الحضارات لا يموتون ولا تمحى آثارهم عبر القرون وإنما تخلد أسماؤهم وتتحول إلى بقع من ضوء عصية على الانطفاء في مسيرة البشرية.

اللقاء الذي تابعه الملايين حول العالم جاء بمجمله مثيرا وعظيما، وربما صادما لمن لم يستوعبوا حتى الآن ما الذي يحدث في السعودية.. كل إجابة من إجابات هذا القائد الملهم يمكن أن تتحول إلى «عنوان صحفي» في غاية الإثارة بإمكانه أن يجوب صحف وقنوات العالم، ليس لأن الأمير قصد ذلك، بل لأنه صادق ومباشر جدا إلى الحد الذي لم يُعهد عن السياسيين بشكل عام، وهذا الحد الذي أتحدث عنه هنا يتطلب شجاعة من نوع خاص يزرعها الخالق في الإنسان ولا يمكن اكتسابها بالدراسة والخبرة.

عندما يكون لديك إيمان عميق وصادق بمشروعك وأهدافك الخيرة لخدمة ورفعة وطنك وشعبه سوف يظهر هذا الإيمان لا إراديا على ملامحك ويغلف حروفك وكلماتك ويتمدد بين موجات صوتك ويشع من نظرة عينيك دون أن تشعر، وهذا بالضبط ما يحدث مع MBS في كل ظهور إعلامي جديد له.

تحدث الأمير عن قضايا مختلفة طوال ساعة كاملة، أهمها بالنسبة للمواطن السعودي البسيط غير المهتم بالسياسة ما يمس الشأن الداخلي ويتصل بشؤون حياته وأسرته، وحين قال MBS إن «التحدى الكبير الذي يواجهنا هو أن يؤمن الناس بما نقوم به»، كان يمد يده بمحبة ولطف شديد للمتخلفين عن سفينة الرؤية والمتشككين في كل شيء، ولسان حاله يقول لهم بطريقة غير مباشرة «اركبوا معنا إلى المستقبل.. أنقذوا أنفسكم من ظلمات التطرف والركود الحضاري» لأن كل شيء حولنا يصرخ «لا عاصم اليوم من التحديث والتطوير ومواكبة العصر»، فلسنا في كوكب معزول عن العالم ولن نضيع 40 سنة أخرى من حياتنا في الثقب الأسود المسمى زورا «الصحوة»، وقد كان الأمير واضحا جدا في حديثه عن مسألة إصلاح التعليم، إذ قال بالنص: «تم غزو المدارس السعودية من قبل العديد من عناصر جماعة الإخوان المسلمين، وحتى الآن لا زالت هناك بعض العناصر المتبقية، وسوف نحتاج لفترة قصيرة حتى يتم القضاء عليها تماما، فلن تقبل أي دولة في العالم أن يتم غزو نظامها التعليمي من قبل جماعة من المتطرفين».

أنا سعيد جدا لأنني أعيش في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ السعودية، وأشاهد بعيني هذا التحول الكبير والانطلاق القوي نحو المستقبل، فلطالما قيل لنا خلال الثلاث السنوات الماضية ونحن ننثر آمالنا في مقالاتنا «لا تتفاءلوا كثيرا واتركوا لكم خط رجعة، فالمجتمع لن يتغير والرؤية التي تتحدثون عنها خيالية»، لكننا كسبنا الرهان وانطلقت السعودية بسرعة غير مسبوقة بفضل قيادة تصنع التاريخ ولا تنتظر منه أن يصنعها.

هاني الظاهري

(عكاظ)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *