طارق إبراهيم : العام الدراسي.. مقدمات لتفاؤل مبهج

تشبه بداية العام الدراسي في السعودية إطلالة فصل الربيع، فمعها يبدو مجتمعنا كمن استراح لوقت معلوم تزود خلاله بالطاقة والقدرة والأمل، ثم نهض للحياة كخلية نحل تبعث بنشاطها اليومي المنظم وبالحماس الذي يميزها، على التفاؤل المبهج.
وراء هذا التفاؤل عاملان: أولهما تعكسه الأرقام، والثاني تشي به المقدمات.

الأرقام تقول -حسب المعلن من جانب وزارة التعليم- إن ربع المجتمع السعودي تقريبا يتوجه صباح كل يوم إلى المدرسة سواء كطلاب باحثين عن المعرفة (لدينا 5 ملايين و500 ألف طالب موزعون على 35،488 مدرسة)، أو كمعلمين ومعلمات مهمتهم الأولى تمكين أبنائنا من ناصية العلوم المختلفة (لدينا أكثر من نصف مليون معلم ومعلمة). وهي أرقام من شأنها أن توضح لنا ليس فقط مدى اتساع الفضاء التعليمي في بلدنا خلال العقود الماضية ومن ثم دلالاته السياسية والثقافية، وإنما أيضا كثافة التفاعلات التي تتم في إطاره، خاصة إذا تذكرنا أن هذا الفضاء يأخذ نصف أوقات هؤلاء جميعا، مشكلا لهم ساحة التعايش الأكثر رحابة ونفاذا.

بهذه النظرة؛ يمكنني القول إن المدرسة ما زالت وسيط التنشئة الأهم في حياتنا، وهي بعد الدين حائط حماية أساسي للأجيال الجديدة، وتقديري أنها -أي المدرسة- إن أجادت في أداء وظيفتها ستمنح أبناءنا ما يقويهم على مواجهة التأثيرات السلبية الآتية من فضاءات أخرى تلاحقهم في كل اتجاه، وبعضها يشكل بالفعل خطرا كبيرا لا يجد المجتمع آلية فعالة لوقفه نتيجة قوة التطورات التقنية المعاصرة؛ أما إن تعثرت في هذه المهمة، بالإهمال أو العجز أو التراخي -لا قدر الله- فإنها ستترك لهذه التأثيرات ساحة تمرح فيها، دون أن نتمكن بوسائلنا الموقتة المحدودة من ردها.

أما المقدمات التي صاحبت بداية هذا العام فتبشر بأنه سيكون -بإذن الله- متميزا وناجحا سواء على صعيد الأداء أو العائد، فقد أظهرت وزارة التعليم، وبشكل مبكر، رفضها أي تخاذل يضر بالعملية التعليمية، وذلك من خلال مجموعة قرارات وإجراءات مهمة منها؛ الإعلان عن سحب 1300 مشروع مدرسي متعطل. كما أنها أبدت حرصا ملحوظا على راحة منتسبيها، لا سيما النساء منهم، فوافقت على نقل كثير منهن إلى أماكن قريبة من أماكن سكنهن، ثم زادت على ذلك فجهزت أكثر من 2000 حضانة في جميع مناطق المملكة لاستقبال أكثر من 18 ألف طفل وطفلة تحت رعاية 2709 حاضنات و2185 إدارية و1355 مستخدمة، ما يعكس بوضوح مدى الوعي بأهمية العناية بالأبعاد المتممة لنجاح العمل التعليمي.

في الوقت عينه، أظهر قادة المديريات التعليمية في مناطق المملكة كافة حضورا ملحوظا في الاستعداد للعام الجديد، ولعل متابعة الأخبار الواردة من مختلف المحافظات تدعم هذا القول، وتؤكد أيضا أن الوزارة، وعلى رأسها الدكتور عزام الدخيل، تريد في هذا العام أن يمضي بالصورة التي يرجوها المجتمع، في هذه المرحلة المهمة من تاريخ وطننا الغالي.

طارق إبراهيم

نقلا عن “الوطن”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *