صلاتي خلف شيعي

من أحد مساجد صفوى بمحافظة القطيف تفوز صورة (الصلاة الموحدة) التي التقطت يوم الجمعة الماضي بجائزة صورة العام 2015. وهي جائزة لم يقم لها حفل كبير ولا نحت لها مجسم يحتفظ بذكراها، بل أنا وغيري من أبناء هذا المجتمع عبرنا عن استبشارنا بصورة حية نابضة من هذا النوع فقررنا أن نعطيها هذه الجائزة الوطنية المعنوية التي لا تعادلها جائزة. أجمل ما يمكن أن يحدث أن يصلي لؤي الناصر خلف فرحان الشمري في صلاة المغرب ثم يصلي فرحان خلف لؤي في اصطفاف حقيقي يعيد كيد الطائفيين إلى نحورهم ويقطع طرق الفتنة عليهم.

الإمامان، الوطنيان العاقلان، اعتبرا هذه الصلاة ردا واضحا على جميع الدعوات والتصرفات الساعية لتفريق المجتمع، وأن الوعي الاجتماعي بأهداف الجماعات الإرهابية يساهم في تفويت الفرصة عليها في الوصول إلى مرحلة الاحتراب وتخريب السلم الأهلي في المجتمع السعودي. وثمنا، ونحن قلبا وقالبا معهما، تجاوز المجتمع بسلام للامتحان الصعب الذي عاشه في أعقاب التفجيرات الإرهابية التي استهدفت المساجد في منطقتي القديح والعنود.

ما يجب، بحق، أن نفعله إزاء هذه الصورة الشعبية الرائعة والدالة على حكمة الطرفين أن نزكي فعل هذين الشيخين ونعمم مبادرتهما لتشمل كل أنحاء المملكة والخليج لنثبت لقاصي الإرهابيين ودانيهم أن تهديم صفوفنا صعب مهما كانت محاولاتهم واختراقاتهم. وأننا على مستوى أئمة المساجد ذاتها، رغم الاختلاف المذهبي، نوسع مساحة العقل وأفق الالتقاء والمحبة لنصلي خلف بعضنا معبرين عن بالغ التضامن واللحمة الوطنية والمجتمعية فيما بيننا.

في تصوري أن الكويتيين بالذات، على مستوى دول الخليج، بدأوا سريعا بتنفيذ حملات إعلامية توعوية محكمة ضد الطائفية تابعت بعض نصوصها وصورها. هذه الحملات خاطبت، باحتراف واضح، عقل ووجدان المواطن الكويتي باعتباره إنسانا ينتمي لأرض واحدة بغض النظر عن فكره أو مذهبه، حيث يوصي أب ابنه الصغير، في إحدى رسائل هذه الحملة، بأن يقول إنه كويتي إذا سأله أحد هل هو سني أم شيعي.؟ وهذا، من وجهة نظري، ما يفترض أن يكون سياقا خليجيا تتضامن فيه جهود الحكومات ومؤسسات المجتمع الدينية والتربوية والإعلامية لتنطلق، تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي، حملة كبرى تخاطب شعوب المنطقة على أساس الانتماء الوطني الحقيقي البعيد عن احتمالات التطرف والتفرق ومزالق الطائفية.

أما تلك الصلاة الموحدة فإنني، تكرارا، أرجو أن تعمم وتسود في كل مساجد دول الخليج، لأن أثرها أبلغ من كل الحملات والرسائل. ولكي يبلغ هذا الأثر مداه فإن نقلها عبر الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي مطلوب ومستحب وطنيا واجتماعيا.

محمد العصيمي

نقلا عن عكاظ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *