الكذبة وخدعتها الساذجة!!

«العلاقات السعودية – المصرية أكبر من محاولات تعكيرها، وموقفنا لن يتغير في الوقوف إلى جانب مصر وشعبها».

هذه الكلمات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز سجلت ضربة لمن اعتقدوا أن الكيد يمكن أن يجعل من الإشاعة حقيقة ثابتة تلغي علاقات وأدواراً واستراتيجيات، وقد عرفوا أن هذه الطرق العقيمة ليس لها وزن في نسيج أهداف بلدين هما ركيزة الأمة العربية وميزان ثبات أمنها ومستقبلها..

الخدعة السياسية سلاح استخدمته دول وجماعات وقوى صغيرة تغلغلت في مسام أجهزة نافذة مثل الاستخبارات التي تعطي تقارير تبنى عليها وتحولها إلى خدعة تتورط فيها دول، ومن الأمثال المعروفة في مثل هذه الحالات نورد حادثتين، الأولى في الحرب العالمية الثانية حين عرف «ونستسون تشرشل» شفرة سرية لليابان بضرب ميناء «بيرل هاربر» الذي يتواجد فيه الأسطول الأمريكي، فسكت عنه حتى تمت الضربة، وكان هدفه ليس منع الاعتداء وإنما جر أمريكا للدخول في تلك الحرب، وحسمها..

الثانية حين استطاعت المعارضة العراقية اثناء حكم صدام خدعة بوش الابن بأن الرئيس العراقي يبني مفاعلات نووية توشك أن تنتج قنبلة، فسارع بالتدخل واحتلال العراق لكن المفاعلات وقنابلها، وبعد مسح كامل لكل شبر في أرض العراق لم تكن موجودة، وإنما هي مجرد تقارير كيدية دفعت برئيس دولة عظمى لأن يتصرف على إيقاع كذبة تحولت إلى خدعة..

والطريق طويل في مثل هذه العمليات، فصراعات الأحزاب وانفصالها أو تلاقيها غالباً ما تبنى على معلومات غير صحيحة تزيف فيها التقارير والمعلومات، وأكثر من يستخدم هذه الأساليب معامل ومراكز التلاعب بالعقول التي تشكل مدارس خاصة في تصديق الأكاذيب كسلاح من أسلحة الحروب النفسية المضللة..

جماعات الإخوان المسلمين حاولوا تمرير كذبتهم عن الرئيس السيسي لدق إسفين بين مصر ودول الخليج العربي، المملكة والبحرين والكويت والإمارات، غير أن الموقف الموحد، واللغة التي نسفت تلك الدسيسة أعطيا مفهوماً في الدروس السياسية أن الظروف والأزمنة تغيرت ولم تعد الحرب الباردة العربية قائمة، لنعيد سيرة تلك الخلافات زمن المد اليساري ووهم الحرية والتحرر وشعارات إماتة الغرب والانتصار للشرق، فالدول والشعوب نضجت ولا تحتاج إلى الغرق في الأوهام طالما توجد قيادات تمثل عصرها وعالمها المعاصر..

فالملك سلمان ليس رجلاً عادياً وهو صاحب الخبرة الطويلة الذي يعرف مزالق السياسة ومؤثراتها، وهو المدرك بأن المملكة ومصر هما مركز القوة في تأسيس الأمن العربي وحمايته، وهما من يسعى لتطوبق التفاعلات المعقدة في المنطقة، ويقفان على نفس المسافة في علاقاتهما الدولية فيما يخص الوطن العربي تحديداً، ولم يعد بين البلدين حواجز أو مناورات ودسائس حين تكون الأمور واضحة وصادقة، ولذلك جاء سقوط الخديعة ليس حركة التفاف على صناعة أزمة، وإنما عقلانية الزعيمين ودورهما الأهم في خنق تلك الزوابع الصغيرة..

الرد الخليجي العربي جاء بنفس التطابق لإدراك أن المسؤولية، وفي هذا الزمن الصعب، لا تخضع لمعايير الأفكار الصغيرة، طالما المواجهات مع الإرهاب بأنواعه المختلفة الخداع السياسي، والإعلام المضلل، وحياكة الكذب، هي جزء من سلوك مكشوف لم يخدع إلا نفسه..

يوسف الكويليت

نقلا عن “الرياض”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *