محمد بن نايف.. الكفاءة والاقتدار!

على عكس ما يحدث في العالم العربي، بل وفي غير العالم العربي، من تكهنات ومحاولات تحليلية وقراءات سياسية، بحثا عن إجابات وتفسيرات تستشف ما وراء التغييرات الوزارية أو تلك التي تطال الحقائب الوزارية، خاصة منها تلك السيادية والحساسة، تأتي التغييرات وتبديل مواقع المسؤوليات والمسؤولين في المملكة العربية السعودية دائما مُفَسّرة ولا تحتاج إلى التكهنات والبحث فيما وراء الأهداف والاستراتيجيات المعلنة والمعروفة للقاصي والداني من السياسيين والمحللين في مراكز الأبحاث، ولكنها قبل هذا وبعده معروفة تماما ومفهومة من قبل المواطن السعودي الذي لا تفاجئه قرارات قيادته، لأنها معروفة ومتوقعة دائما لديه، لأنها تأتي دائما في سياق ما يعرفه عن أهداف واستراتيجيات دولته منذ تأسيسها على يدي مؤسسها الملك عبدالعزيز، رحمه الله، فلا يترجل كفؤ إلا ليحل محله كفؤ آخر، يواصل مشوار سلفه في النهضة والبناء بذات الكفاءة والاقتدار، وتظل الكفاءة ومتطلبات واحتياجات المرحلة دائما هي المعيار عند الاختيار.

وفي هذا الإطار جاء اختيار الأمير محمد بن نايف «وليا لولي العهد»، وهو يقود بنجاح مبهر الدفة الأمنية في بلد لا تكاد تعقيداته الأمنية تحصى أو تشابهه فيها دولة من دول العالم. وكان الأمير محمد قد دشن بداية مختلفة وكسر تقليدا كان سائدا، وذلك بإصداره تعليمات صارمة إلى قادة المؤسسات الصحفية بألا تنشر إعلانات تهنئة تبارك له تكليفه هذا، أو تنشر مقالات تتحدث عنه، فإن هو إلا جندي في خدمة الوطن، كلفه القائد بمهمة وطنية ودينية وهو يلبي النداء وينفذ التعليمات لا أكثر.

والأمير بهذا يُدشن تقليدا جديدا، ويُرسِّخ مفهوما صحيحا للمسؤولية كان ينبغي أن يكون هو القاعدة الراسخة في ثقافتنا وتقاليدنا، لأنه القاعدة الإسلامية الدينية، فالعمل العام وتحمل مسؤولية العباد هو من الأعمال التعبدية، ولكنه مسؤولية ثقيلة تنوء بحملها الجبال، وليست بأية حال تشريفا أو تكريما ومكافأة.

ومن ينجح فأجره على الله، لا يعبأ ولا يبالي شكره الناس أم جحدوه، رضوا عنه أم سخطوا عليه، فعينه ليست على الخلق، وإنما على الخالق هناك، وضميره مع ربه.

وفي الواقع لا يسعك إلا التساؤل حول معنى هذه التهاني والتبريكات بالأعباء الجديدة، بينما الأصوب هو أن ندعو لمن كُلف بها أن يوفقه الله ويسدد على طريق الخير خطاه، ثم لماذا يخسر المهنئون هذه الأموال الطائلة في الإعلانات؟ ألا توجد أوجه أخرى تصرف فيها هذه الأموال الطائلة؟ وما الذي يتوقعه المُهنئ من المُهَنَأ المحتفى به مقابل هذه التهنئة المكلفة؟

أسئلة مثل هذه تفتح أبوابا من التأويلات يصعب إغلاقها، ولكنها في كل الأحوال لا تصب في مصلحة أحد، وقد أفلح سمو الأمير في إغلاقها، وليتها تظل مغلقة إلى ما لا نهاية.

صالح بن سبعان

نقلا عن “مكة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *