تميس في المصعد

الفرق بين القطاع الحكومي والخاص كبير وشاسع، ومن يعمل في القطاعين يلمس الفرق بوضوح، وعندها سيردد باقتناع “ليس من سمع كمن رأى”، فعلاً لا قولا.

أذكر في بداية حياتي العملية حين كنت أعمل موظفاً صغيراً في أحد البنوك بنظام الفترتين صباحاً ومساء كان بعض العملاء يعتقدون أننا عارضو أزياء بالفطرة، وأن الاهتمام بالمظهر اختياري وليس إجباريا، ثم يختم جلسته (التقييمية) بعبارة “يلا كله بفلوسنا”! هم يعتقدون أننا نتقاضى الملايين فقط لأننا جيران المال! هم لا يعلمون أن العمل البنكي يُعلم الإنسان الانضباط في الدوام والمظهر والتعاملات بل وحتى السُمعة مقابل استنزافه جسدياً حتى الرمق الأخير. هم يحسدون الموظف على التأمين الطبي رغم أنه يداوم حوالي تسع ساعات! ما علينا لا تدققوا، لكن تعالوا نقارن بين موظف القطاع العام والخاص:

الموظف الحكومي يستطيع “بالتزبيط” مع زملائه أن يغيب ويستأذن ويفعل ما يريد، وإن وجهت له اللوم قال بالفم المليان “ما يقدر يفصلني حتى الوزير”! فالموظف الحكومي يعتقد أن العمل هو بالحضور صباحا للتوقيع فقط ثم الانصراف في أي وقت، فلا تقييم يؤثر على مستقبله، ولا يستطيع أحد إيقاف راتبه، والترقيات الدورية عادة هي تحصيل حاصل، وبعضها روتيني بحت لا يعتمد لا على إبداع الشخص ولا شخصيته. هو في نهاية الأمر كائن يسعى إلى التقاعد مبكراً حتى يلتفت للـ”بيزنس” الخاص، والذي لا يخرج عادة عن سمسرة الأراضي أو “شريطي” في معارض السيارات! وحتى لا أدخل في منطقة التعميم لن أقول الكل بل الأغلب هم كذلك والحكم لكم.

خاتمة: علمتني الحياة أنك إن دخلت مصعدا وكانت رائحة التميس تملأ المكان فاعلم أنك في دائرة حكومية أو وزارة خدمية!

بسام فتيني

نقلا عن “الوطن”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *