أقيلوا وزير التجارة

ما يفعله وزير التجارة والصناعة تغيير حقيقي وملامسة مباشرة صادقة لما يقترفه ويرتكبه المسكوت عنهم لأعوام، ضد مواطن أقصى ما يمكن أن يفعله تجاه مسلسلات العبث والضحك والاستهتار بالعقول والجيوب، أن يبعث بشكوى يجف حبرها قبل أن تجد طريقها الصحيح، أو أن يلتزم الصمت مكرهاً ومجبراً على هذه التجاوزات لإيمانه القاطع أنه لم يأتِ أحد من قبل ليقف إزاءها أو يضع لها حداً، ما حفظه المواطن عن ظهر قلب في حقب وزارية خلت أن المسؤول لا يعرف بدقة ما يحدث واقعاً، ولا يحرقه أن يكون المواطن مجرد لعبة وأداة في أيدي من اعتادوا المضي في هذه المهازل الترويجية المخجلة والاستغلال طويل العمر.

التحول الذي تشهده هذه الوزارة في تحريك الأوراق المهملة والمجهولة التفاصيل مؤشر في أن التغيير لن يكون إلا على يد الكفاءات الشابة والمستوعبة لماهية التغيير، وأن مواجهة التحديات فن لا يتقنه إلا قلة من الذين قبلوا التحدي، وفي أذهانهم أن التحدي يعني بالضبط ملامسة النجاح، بالأفعال لا الأرقام المخدرة ونفض الغبار عن الأدراج التي لم يجرؤ مسؤول سابق على فتحها أو التفتيش فيها بحجة يأسه منها، فضلاً عن الجهل بما فيها وما وراءها.

لعبت – لأعوام طويلة – بـ«جيب» المواطن فوضى التخفيضات التي تخفي فضائح وهمية وتهدف لاستنزاف المستهلك وعصره حد الإمكان، ولو أن الوزير الحالي ليس سريع التفاعل والتعاطي مع الحدث الذي يدخل ضمن مسؤوليات وزارته لكان منشار التخفيضات آكلاً في طريقي الذهاب والإياب، ولن يجد ما يأكله سوى المواطن المخدوع بالضوء والصوت والصورة والراضخ تحت تأثيرها.

ليست جهة بعينها من ترى فينا أطيب المخدوعين، وأسرعهم تلبية للدعوات، واقتناء لسلع الوهم، جهات مكشوفة وأخرى في انتظار بيان الكشف وجدت فينا الصمت والصبر والممر الأسهل لإنجاح أفكار التسويق الناجحة سابقاً والمكشوفة حالياً، وجدت فينا مجتمعاً يشتري بلا وعي ويدفع من دون أن يهمه أن يكون مغشوشاً، لأن مفردة الغش لم يتعود على سماعها واكتشافها سوى في قاعات الفصول الدراسية، وكواحدة من الحيل الشهيرة للموصوفين بالبلداء.

يتقن بعض التجار فن الاعتذار متى ما كانوا في مواجهة مباشرة مع الرأي العام والجهات المسؤولة، وشعروا أن ثمة خسائر فادحة تتعرض لها منتجاتهم ومواقعهم ومحالهم الشهيرة، وليت أنهم يتقنون أبجديات التعامل الصادق والواضح المباشر مع المستهلك بكسر اللام الثانية لا فتحها، ليت أن اعتذارهم يتحدث عن الخطأ بلا مراوغة ومن دون شكر لعملاء كانوا في لحظة انبهار بمواجهة حركة تجارية وهمية، فالاعتذار المقبول لا يحيل الضحك و«النصب» والاستغلال والتلاعب لمجرد خطأ عابر يجب أن يكون مستثنى من التعرية والتشهير، ويظل ارتفاع وعي المواطن وعدم انجذابه واندفاعه لهذه الممارسات سريعة التحضير حواجز مهمة، لمنع ازدياد عدد التجار المهووسين بلوازم الغش التجاري، ولوزيرنا – الذي ندعو له باسمه الأول – نحن متفائلون بمستقبل متفائل مع وزارته، فضلاً عن حاضرها المتحمس والفاعل والنشيط، وما أخشاه أن يخلق ثناؤنا عليه حساسية لدى وزراء يحملون حقائب وزارية أخرى، فنفاجأ ذات هدوء بالجملة البالغة الاحتراف «تم إعفاؤه بناء على طلبه».

على القاسمي

نقلا عن “الحياة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *