مرضى حائل.. المشكلة الدائمة!!

مثل البكاء على الأطلال ينعى المرضى وعائلاتهم وذووهم وزارة الصحة، لأن كل يوم يشرق على وطننا بإضافة كفاءات جديدة، وإحداث تغييرات في الإنسان والاقتصاد وتطوير مختلف الإدارات الحكومية والأهلية، نجد هذه الوزارة التي تملك جراحين وخبراء مختبرات تتقصى أدق «الفيروسات» تحتاج إلى جراح إداري «لمستبد عادل» يلغي أقساماً وينزع صلاحيات مديرين، ويلحق المقصر بالتقاعد المبكر، ويخطط لوزارة لا تعيش في الماضي عجز أكفأ الوزراء فك عقدها ورموز تخلفها..

انتشار الصورة السيئة لواحدة من أهم الوزارات بعد الداخلية والتربية وبدون استثناء ومن إجماع شعبي على قصورها، لم يكن اليوم أو الأمس، وإنما من بدايات نشأتها لم تستطع أن تكون وزارة صحة تملك الاسم والمسمى والفعل، رغم الميزانيات التي رصدت وأعطتها ما يفوق حاجتها، لكن سر المرض لم يعرف حتى الآن، وهو يشبه الأمراض التي تعلن مبكراً دفن صاحبها..

الاستثناء الوحيد للمدن التي تتمتع بخيرات واهتمامات الوزارة، هي الرياض والدمام وبريدة وجدة، وحتى هذه لها شكاواها من تراكم المرضى وعجز مستشفياتها عن استيعابهم، لكن البقية بالاستيداع حتى يفرجها الله ويحل عقدة هذه الوزارة المحيرة..

النموذج المبكي ما عرضته حلقة الثامنة للصديق العزيز «داوود الشريان» عن الحالة المزرية للواقع الصحي بحائل، وكيف وصل الإهمال والازدراء بصحة الناس أن الميسور منهم اضطر للعلاج في القصيم أو الأردن لفقدان أي كفاءة إدارية أو صحية، أو مرافق تليق بمدينة يتبعها، كما يقول «قوقل» ثمان مئة وخمس وستون محافظة وقرية، بمعنى أن كلها لا تملك أو يوجد بها، إلا القليل منها، مستوصف أو مستشفى وبالتالي تتحول الأعباء إلى المدينة الأم والتي تشكو بعدم قدرتها معالجة المرضى داخلها، وحتى القطاع الخاص بإنشاء مراكز صحية أو مستشفيات، وكذلك الجامعة والحرس الوطني وغيرها لا نجد لها وجود ظاهر كما هو في المدن المركزية الكبرى..

مات العديد من الأجنّة، واستؤصلت أعضاء سليمة بالتشخيص الخاطئ، ونسيت فوط ومقصات داخل أجسام المرضى، ومع ذلك لم نشهد من حوكم بقضية جرم طبي وليس خطأ، ولم نعرف نقلاً تأديبياً لمقصر في عمله الإداري، والمخلص يترك العمل حتى من أطباء المنطقة لأنهم اكتشفوا عيوباً يعجز مبضعهم عن بتر تلك الأعضاء الميتة أو بحكمها، والمسألة طويلة ومتلاحقة الأسباب لكن النتائج في المعالجة يقف أمام تعطيلها ساحر نحتاج من يفك طلاسمه لعلنا نعثر على بعض الأمل في تحسين أوضاع ليست استثنائية، وإنما محيّرة، رغم ذهاب لجان من الوزارة والشورى، وغيرهما، ووعود تعطى على الموائد التي يقدمها كرم الأهالي، والتي تنتهي إلى أصفار المرحوم «سعد زغلول»!!

أكتب هذه السطور من شعور مواطن كتب عن معاناة مشابهة في مدننا وقرانا، ودون حس مناطقي أو إقليمي، كما حاول تصويري بعض الأشخاص، لأن مهمة أي كاتب تسليط الضوء على حقائق النقص في أي مكان، ولأننا شركاء وطن لا فرق بين من ينتمي في ولادته لقرية أو مدينة، ولابد أن يؤدي دوره تجاهها..

الغياب التام لهذه الوزارة، وبهذه المنطقة بالذات يحتاج لمن يفسر لنا الأسباب وعمن يحاسب أياً كان موقعه في العمل أو رتبته العليا أو الدنيا، وما لم تكن الأمور واضحة، فلا تلوموا من يصرخ بشكواه ولا يرددها إلا الصدى لجبلي أجا وسلمى!!

يوسف الكويليت

نقلا عن “الرياض”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *