وزير التجارة والانحياز “للعدالة”

مفهوم العدل كما عرفه الجرماني هو: “مصدر يعني العدالة وهو الاعتدال والاستقامة وهو الميل إلى الحق”، وليس الميل لفئة ضد فئة.. وبالتالي فالقول إن معالي وزير التجارة الدكتور توفيق الربيعة انحاز للمستهلك قولٌ ينافي انحيازه للحق كما يبدو لي، إذ إن معاليه ينشد من معالجة ملف حماية المستهلك حفظ حقوقه بالتزامن مع حفظ حقوق التاجر والمصنع معا، فالجميع عناصر هامة في سوق أي قطاع، وحمايتهم من مهام الوزارة بدرجة أهمية تنظيمها وتطويرها.

حماية حقوق المواطن وتمكينه منها أياً كان موقعه أو صفته همّ من هموم خادم الحرمين الشريفين، ودائماً ما يوصي المسؤولين بخدمة المواطن وتمكينه من حقوقه وحمايته، والوزير الربيعة كما أعتقد يعمل في هذا الإطار، وفي ظني أن تبنيه معالجة حقوق المستهلك بهذه القوة والصرامة بعد عقود من انتهاكها من قبل بعض ضعاف النفوس من التجار وأصحاب الأعمال -وهم الفئة الأقوى في معادلة “المنتج/المستهلك”- جعل البعض يظن أنه منحاز للمستهلك على حساب التجار، رغم أن انحيازه للحق وحمايته للمستهلك من جور ضعاف النفوس من التجار هو حماية بالتبعية للسوق والمستثمرين به بكل تأكيد، خصوصاً التجار الحقيقيين الذين يدركون أن التعامل الأخلاقي أساس بناء الصورة الجيدة على المدى الطويل وبالتالي النجاح المتواصل.

وحيث إن حماية المستهلك لا تتركز فقط في حمايته من الغش بالبضاعة والتلاعب بالأسعار وعقود خدمات ما بعد البيع والالتزام بأوقات التسليم والصيانة وغير ذلك؛ إنما تتركز كذلك وبشكل أكثر فاعلية بدعم كافات قطاعات الأسواق ليزداد المنتجون والموردون وتشتعل المنافسة الحقيقية لتتنوع الخدمات والمنتجات والأسعار بما يلائم جميع الاحتياجات والقدرات الشرائية، وبالتالي فإنه من الطبيعي أن من يسعى إلى حماية المستهلك يسعى ضمناً إلى تطوير التجارة والصناعة وحماية رجال الأعمال لتنمو الأسواق وتزدهر.

وبالتالي أود أن أتوجه إلى وزير التجارة بطلب مهم، وهو الالتفات السريع لقضية تنمية الأعمال الصغيرة والمتوسطة على مستوى الخدمات والتجارة والصناعة معا، باعتبار أن هذه المنشآت هي الأهم في الاقتصاد الكلي لأي دولة كانت، ولذلك نجد الدول الغربية تبالغ بالاهتمام بتنمية هذه المنشآت وتوفير كل متطلباتها، خصوصا في جانب التمويل الذي يعتبر أكسجين النمو لأي شركة كانت صغيرة أو متوسطة أو كبيرة، وكما يعلم معالي الوزير فإن قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة تعاني الأمرين بقضية التمويل بينما تسعد به الشركات الكبرى فقط.

تنمية قطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة يا معالي الوزير وتوفير كافة متطلبات نموه وازدهاره يرتبطان ارتباطا وثيقا بتنويع الاقتصاد السعودي ومعالجة مشكلة البطالة وتعزيز القدرة الشرائية للمواطن، والتجربتان الماليزية والتركية في تنمية الاقتصاد انطلقتا من تنمية هذه المنشآت، وعلينا الاستفادة من هذه التجارب، والأمل كبير بك يا معالي الوزير أن تتبنى هذا الملف وتحرك كافة مساراته دعما للمستثمر وحماية للمستهلك.

طارق إبراهيم

نقلا عن “الوطن”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *