هل يوجد من لا يعرف أن (الفساد حرام)؟: نزاهة، هيئة للمكافحة بالوعظ!!

شكرًا لهيئة الإفتاء على فتواها لنزاهة (هيئة مكافحة الفساد) بأن تزوير التقارير الطبية تبريرا لغياب الموظفين يعد من (أكبر الكبائر)، والفتوى جاءت استجابة لسؤال من رئيس نزاهة للمفتي حول هذا الأمر المتفشي منذ زمن، وللحق فإن هيئة الإفتاء تستجيب لأي سؤال يقدم لها وتجيب عنه، حتى إن بعض الأسئلة تأتي متضمنة للإجابة التي يريد السائل الحصول عليها، فتتم تلبية طلبه.

المهم الآن (والمطمئن) أن (نزاهة) عرفت أن هذه التقارير حرام، ولمزيد من (طمأنينة) نزاهة، أود أن أقول لها إن جميع الموظفين الذين يسعون للحصول على هذه التقارير والأطباء الذين يصدرونها، يعلمون أنها حرام منذ عرفت التقارير الطبية في بلادنا، يعني من أيام (التمرجية) الذين كانوا يعالجون كل مريض، ومع ذلك يفعلون هذا (الحرام)، فهم (الأطباء والموظفون)، قبل هذه الفتوى سمعوا في خطب الجمعة، وفي مواعظ المساجد ومن وعاظها، وواعظي التلفزيون – وهم أكثر من الرز – وتعلموا في المدارس الابتدائية أن التزوير حرام، ومع ذلك يفعلونه.

ولمزيد المزيد من (اطمئنان) نزاهة، فإن جميع صور الفساد التي توزع حولها بحماس واستبسال (مواعظ) عبر منشوراتها وإعلانها، يعرف القاصي والداني أنها حرام، فسرقة المال العام، والرشاوى، وفساد المشاريع، وتقصير المسؤولين، وتسيب الموظفين، وتعطيل معاملات الناس ومصالحهم، وتهريب المحروقات، وحفر الصرف المفتوحة، ونهب الأراضي، وهدر المياه، وغيرها وغيرها، كلها يعلم مرتكبوها أنها حرام، ومع ذلك ارتكبوها ويرتكبونها، وبعضهم مستعد لأن يعظكم في الهيئة بالساعات حول حرمتها، ومع ذلك قد تجدونه لو نقبتم؛ يرتكب إحداها، ومعنى هذا بوضوح وصراحة أن الفتاوى والمواعظ لا قيمة لها في محاربة الفاسدين والفساد، بل الأهم منها والأولى وجود الأنظمة الرقابية برقابتها الدقيقة الصارمة، أو تشريع أنظمة جديدة دقيقة رادعة.

وأهم من وجود أنظمة مكافحة الفساد أو تشريعها، هو التطبيق الدقيق الشامل الذي لا يستثني أحدا، وبهذا، بدلا من أن تستمر الهيئة في توزيع (المواعظ) عبر منشوراتها وإعلاناتها، يجب أن تنشر العقوبات الدنيوية النظامية لكل صورة من صور الفساد، ليعرف الفاسد أنها تنتظره، وهنا قد يتوب قبل أن يقع في قبضة النظام، ولا أدري إن كانت الهيئة قد ضبطت فاسدين خلال السنوات الماضية، وتم تطبيق عقوبات بحقهم أم لا، فإن كان هذا حدث فليتها تعلن إحصاءات لا أسماء، فتقول مثلا: (ضبطنا عشرا أو خمسا، أو أي رقم لحالات أو أشخاص في رشاوى لترسية مشاريع، وعوقبوا بهذه العقوبات، وهكذا)، وإن لم يحدث شيء على يدها حتى الآن سوى تلك (المواعظ والنصائح) التي توزعها، فلتنضم إلى (وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد) فمسماها الطويل هذا يصلح مظلة لأي هيئة (وعظية) يمكن ضمها إليها، وليكن مسماكم الجديد (هيئة مكافحة الفساد بالوعظ والفتاوى)!!، سيما وأن هذا التخصص لم تلتفت إليه وزارة الشؤون الإسلامية حتى الآن، فدعاتها مشغولون في مساجدنا بترسيخ عقيدة التوحيد، وتحديد مواصفات الفرقة الناجية وأهمية طاعة علمائها ودعاتها!!

قينان الغامدي

نقلا عن “مكة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *