(التخطيط) تنتقد (المالية) والحل عندهما : رمي الكرة في مرمى الغير

جميل أن تنتقد وزارة التخطيط أسلوب ترسية المناقصات في المملكة، والذي رأت الوزارة في دراستها التي نشرت عنها (مكة) خبرا أمس الأول، وهو الأسلوب الذي يشتكي منه المسؤولون في الحكومة والمقاولون والاقتصاديون، وجاءت دراسة وزارة التخطيط لتؤيد تلك الشكوى، وتؤكد أنه السبب الرئيس وراء تعثر كثير من المشروعات، فالإصرار الدائم على العطاء الأقل، يفضي إلى التنازل عن بعض الشروط في تأهيل المقاولين، وشروط الجودة وغيرها، ولكن الأجمل أن تقوم وزارة التخطيط بتزويد وزارة المالية بنسخة من دراستها، وأن يقوم الوزير بطرح الأمر على مجلس الوزراء، لإعادة النظر في أسلوب طرح المناقصات واتخاذ قرار بتعديله إلى الأفضل، ولو تم إجراء حساب دقيق للخسائر المترتبة على المشروعات المتعثرة، لكانت أضعاف ما يتم توفيره من ترسية المشروعات على أصحاب العطاءات الأقل.

وإذا كان مطلوبا ترشيد النفقات، فإن إعادة النظر في أسلوب ترسية المناقصات هو أحد أبواب الترشيد لأن تعثر المشروعات يعد هدرا واضحا، سيما إذا كان من الممكن تثمين الوقت المهدر واعتباره خسارة وطنية، ومن غير المعقول أن يكون هذا الأسلوب مثار نقد وشكوى المسؤولين، وتبقى وزارة المالية مصرة عليه، والآن الوزارة المعنية بالتخطيط للوطن كله تنتقده، فماذا بقي للمالية الاحتجاج به؟

بعض المشروعات كما هو شائع، يتقدم لها مقاول غير مؤهل بعطاء أقل مما هو متوقع له، فيفوز بالمشروع، ثم يبيعه لمقاول أسوأ من الباطن، وهذا يبيعه لمن هو دونه، وهكذا يكسب الجميع ويخسر المشروع الذي إن لم يتعثر فإنه ينفذ بأسوأ المواصفات وأردأ المواد، فماذا تستفيد الدولة، وماذا يستفيد المواطنون من مشروعات بهذا المستوى الرديء، أو التي تتعثر سنين طويلة وتدخل في نفق المحاكمات والمماحكات، بينما لو تم علاج الجذر الذي قامت عليه لما حدث كل هذا!

والطريف هنا أننا بدأنا نقرأ النقد والشكوى من الوزارات، التي من المفترض أن يقوم وزراؤها بطرح هذه المشكلات على طاولة مجلسهم الموقر ثم يبشرونا بالحلول، أما النقد والشكوى وحدهما فلا تقدم حلا ولا تعالج مشكلة، وكأنه مجرد تبرئة ساحة ورمي الكرة في مرمى الغير.

قينان الغامدي

نقلا عن صحيفة “مكة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *