الرأي

الإزدواجية المقيتة!

الإزدواجية مرض عضال، والتبدل من حال لحال عمل بليد وسيء، والظهور بين الناس بوجه، وفي الخفاء والخلوات بوجه آخر أمر يثير المواجع ويصنع في النفس الألم، إن الإنسان بوضوحه ونصاعة موقفة وقوة ثباته، سواء في السر أو العلن، في الساحات الإجتماعية العامة أو في الخلوات، في البيت أو العمل أو أو السوق أو المسجد في المجالس وفي المناسبات.

إن على الإنسان السوي العيش بوجه واحد، بعيداَ عن التلون والتبدل والإنحراف والتناقض، إنك لا تستطيع خداع الناس كل الوقت بمظاهر زائفة، وألاعيب مغايرة، وحركات باهتة، لأنك مكشوف وبائن وللناس حواس كاشفة وفطنة وذكاء وقدرة فائقة على الكشف والأستنباط والتبين، إن الإنسان الثابت الواثق القويم يعيش بمناقب رائعة، وصفات حميدة، ومنظومة أخلاقية راقية، وبهذا يعيش بين الناس محبوباَ ومكرماَ ومعززاَ، ولن يغيب عن أذهان الناس، ويكون سيداَ في الحضور وفي الغياب، وله منزلة عالية في القلوب، عكس المتناقضين المتملقين البارعين في التمثيل والتضليل والتمويه، الذين يحبون أن يظهروا بمظاهر مخالفة لحقيقتهم، والذين ينكشفون عند أدنى ريح هابة، إن هؤلاء مجرد إنتهازيين لا يملكون ذرة من مواقف حميدة، ذلك أن أعمالهم يندى لها الجبين خجلاَ وحياءاَ.

إن الإنسان الذي يعيش حياته بحقيقتها بعيداَ عن الأصباغ والألوان هو النبيل صاحب الموقف والمبدأ والثبات، إن الإنسان الذي يعيش البياض يختلف جذرياَ عمن يعيش السواد، والإنسان الصحيح يختلف عن الإنسان العليل، والجواد لا يقارن البتة مع البخيل، والشجاع غير الرعديد الجبان، وأصحاب القلوب الحانية والأخلاق السامية يكون دورهم في الحياة كله بذل وعطاء وإيثار ومساندة، ويصبحون ممدوحون ومحبوبون عبر أمتداد الأيام، كونهم متواضعون وبعيدون عن الإستعلاء والتبجح، وهنا يبرز الفارق بين الإنسان الثابت والمتغير، وصاحب الطراز الرفيع، من صاحب الدناءة والخسة والوضاعة، ومن نافلة القول أن نذكر بأن العمر فرصة لإصطناع المواقف الناصعة الواضحة النبيلة، والظهور بمظاهر حقيقية في الشكل وفي المضمون، في السر وفي العلن، بعيداَ عن مواقف التملق والإزدواجية والخسران والظلمة والخذلان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *