همسة إنسانية لرئيس الهيئة

حين تم تعيين معالي الشيخ الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ، رئيسًا عامًا لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بتاريخ 19/2/1433هـ، استبشر أغلبيتنا خيرًا، وكبرت أمنياتنا بأن لا يكون الأمر مجرد تغيير في الأسماء، دون روية ورسالة وهدف، ودون أن تجد هذه الهيئة من يستطيع أن يتدخل بقوة في إعادة تنظيمها وتشغيلها وتطويعها وتطويرها من الألف إلى الياء، وذلك ليتضح ويظهر الجزء الحقوقي الإنساني للشخص المسلم، ولغير المسلم في بلدان المسلمين، وأن تختلف ظروف المراقبة، والقبض بمجرد الشبهة، واستفزاز الخلق، والتلفظ عليهم، وإهانتهم، وتحميلهم في صناديق سيارات الهيئة وكأنهم مجموعة من الأغنام؛ ودخول أفراد الهيئة للأماكن العامة بشكل مداهمات سلطوية تصيب الشخص وهو يتنزه مع أهله بالرعب، أثناء مراقبتهم له وكأنه متهم، وتوجيه الملاحظات له علنًا، أو استجوابه بشك وفوقية وكأنه في غرفة تحقيق!.
لقد كنا نأمل أن يشعر الإنسان السعودي والمقيم بأنه يمتلك كامل حريته طالما التزم بالأخلاق العامة، وأنه غير مراقب في كل همسة أو نظرة أو حركة.
كنا نأمل أن لا تتم مداهمة آمن في منزله أو ملكه الخاص دون أمر قانوني مكتوب من وزارة الداخلية، وتنفيذ ذلك بطرق عقلانية محترمة ودون أذية، أو هتك للستر.
كنا نتأمل أن لا يقتاد أحدًا ليصلي مكرهًا أو على غير طهارة، لأن الله أعلم بالأسرار، وهو جلت قدرته غني عن عبادةٍ تتم بالإكراه.
كنا نأمل أن لا يتم اغلاق المحلات التجارية في أوقات الصلاة -ما عدى ما ثبت من ذلك شرعًا في صلاة يوم الجمعة- فلا نترك ملهوفًا يعجز عن لحاق أمر طارئ لأنه لا يجد الوقود، أو الدواء، أو حليب لطفل، أو غيرها من الضروريات.
كنا نتعشم أن لا يضحك الخلق على ما يحدث في محافلنا الدولية ومناسباتنا الشعبية من هجمات للمحتسبين المحتمين بأعضاء الهيئة.
والحق يقال أن اختيار خادم الحرمين الشريفين كان موفقًا بشكل كبير، حيث أننا لاحظنا الفرق ولمسناه، وأننا نستطيع أن نؤرخ للهيئة قبل وبعد تعيين معاليه، فقد عمل الكثير وجاهد في ذلك، ولو أننا ما زلنا نطمح إلى جهد أعظم وتنظيم أكثر، ومراقبة لسير الأعمال، وترقية لصورة رجل الدين، وجعلها منطقة ثقة محترمة محببة من الجميع، حين يشعرون بأنه شخص منهم، وأنه ليس مسيطرًا عليهم، ولا يتصيد هفواتهم، وأنه رحمة وسلام وتواضع ومحبة وستر، وليس قسوة وخوف وتشهير وتنكيل.
هذه همسة صدق نقول فيها للمحسن أحسنت؛ فيكفي أن كثير من الأحداث المؤسفة لم تعد متكررة بالشكل، الذي اعتدنا عليه في السابق، فلم نعد نسمع عن عمليات مطاردات للشباب تتسبب في كثير من الحوادث القاتلة، وكان قرار معاليه بمنع الدوريات الميدانية عملًا موفقًا نتمنى أن يُلتزم بطريقة أكثر من قبل جميع العاملين بالهيئة، فلا نعود لنقاط البداية المؤسفة.
وحقيقة فقد أسائنا ما حدث بالأمس القريب للبريطاني الجنسية، زوج المواطنة السعودية، والذي أعطى من الأصداء السلبية والسيئة ما أعطاه للعالم أجمع.
حقوق الإنسان سماوية، وقد عرفها الإسلام منذ بدايته، ولا نريد أن يأتي زمان ننكرها فيه، ثم نستجدي الأمم أن تعلمنا وتفقهنا في مبادئها.
لنكن خير مثال للسماحة، والرقي، وجذب غير المسلم لديننا بطباعنا الحميدة، وبشاشتنا، وسترنا، ومراعاتنا للخصوصيات، واحترامنا الكامل لجميع حقوق الإنسان وحرياته.

شاهر النهاري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *