نهاية الكورونا

أنا متفائل رغم كل ما قيل وكتب بقدرتنا على التغلب على فيروس الكورونا..

متفائل بأنه لن يتحول الى وباء وأن عدد الوفيات به لن تتجاوز أي مرض معد قديم..

متفائل لأنه حتى في حال فشلت وزارة الصحة لدينا؛ سيتراجع الفيروس بذاته بسبب حالات المناعة المتزايدة ضده كما حدث مع أوبئة كثيرة قبله..

وقبل التوسع أكثر أشير إلى أن لكل عصر أمراضاً معينة تنتشر به بشكل لم يعهد قبله.. فالطاعون مثلا (الذي تسببه بكتيريا تدعى يرسينيا بيستيس Yersinia pestis) قضى على نصف الصين وثلث أوروبا وتسبب في وفاة أعداد كبيرة من الناس في العهد العباسي.. ولكنه هذه الأيام يعتبر فى حكم المنتهى بفضل اكتساب الأجيال التالية مناعة ضده ولأن مجرد معرفتنا بالأسباب والظروف المتسببة فيه (مثل مكافحة الفئران الناقلة له) جعلته ينحسر (وجعلتنا نحن) نتعلم تبني قواعد صحية تكافح أي ميكروبات قادمة.

… في الماضي البعيد كان بإمكان الميكروبات والفيروسات الخطيرة التسبب بأمراض تبيد مدنا وقرى وشعوباً بأكملها لثلاثة أسباب مهمة (أصبحنا نجيد التحكم بها في هذا العصر):

– الجهل بمسببات المرض ووجود أشياء تدعى أصلاً فيروسات أو جراثيم…

– عدم وجود مناعة في غير مناطقها القديمة؛ وبالتالي سرعة القضاء على الناس في الأماكن الجديدة.

– والثالثة ببساطة عدم تقدم الطب ووجود اللقاحات ووعي الناس بطريقة انتشار المرض ذاته…

وبطبيعة الحال في عصرنا الحاضر استحدثت أمور، وتبدلت ظروف، وتغيرت أشياء كثيرة الأمر الذى استدعى ظهور أمراض جديدة، وعلل غريبة، وتفاقم أمراض كانت نادرة في الماضي.. غير أن العوامل الثلاثة الأخيرة أتاحت لنا سرعة القضاء عليها أو على الأقل – عدم تحول أي منها إلى وباء بمستوى طاعون القرن الرابع عشر..

مشكلتنا الأساسية في هذا العصر هي (عولمة الأمراض) بسبب تحول العالم إلى قرية صغيرة حيث يمكن لحالة واحدة معدية الانتقال إلى دولة أو قارة بعيدة خلال ساعات بالطائرة.. ومع هذا لاحظ أن الانتشار العالمي لأمراض (نالت ضجة كبيرة في وقتها) مثل السارس، والوادي المتصدع، وإنفلونزا الطيور، والخنازير، والكورونا هذه الأيام؛ أمكن حصارها في كل الدول ولم تنجح مجتمعة في قتل أكثر مما يقتله مرض بسيط كالإسهال والأنفلونزا العادية..

وعلى ذكر الإنفلونزا؛ يمكن القول إن آخر وباء حقيقي في العصر الحديث حدث قبل مئة عام حين تسبب فيروس خبيث من نوع H1N1 في انتشار “الإنفلونزا الإسبانية” حول العالم خلال عامي 19181919 .. وخلال عشرة أشهر فقط قضى على مابين 20 إلى 50 مليون نسمة حول العالم (من الهند واليابان إلى أمريكا والأرجنتين) وكلا الرقمين يفوقان خسائر الحرب العالمية الأولى المستعرة في ذلك الوقت ولا يقارنان بأي سلاح من اختراع البشر.. هذا الانتشار الواسع يصعب تصور حدوثه هذه الأيام لنفس الأسباب السابقة.

مرة أخرى أنا متفائل بخصوص فيروس كورونا لأن اهتمام الدولة به واضح، ووزارة الصحة تتخذ حياله النهج السليم (خصوصاً البدء بإنتاج لقاحات ضده)، ناهيك عن أنه سيتراجع بطبيعته كونه كما يبدو وصل حالياً إلى ذروة انتشاره ناهيك عن امتلاك عدد متزايد من الناس مناعة ضده…

.. نصيحتي لك:

لا تشغل بالك بالكورونا؛ بل في تعلم كيفية الوقاية من أي ميكروبات وفيروسات تحوم حولك وتلتقطها بيدك وتعيش فوق جسدك!!

 

(فهد عامر الأحمدي – الرياض)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *