في نادي جازان الأدبي..

أمسية بعنوان «حوار مع طرائق نقدية»

جازان - عناوين

شهد نادي جازان الأدبي الأربعاء 04/08/1442هـ الموافق 17/03/2021م، إقامة أمسية تحت عنوان «حوار مع طرائق نقديةً» للبروفسور معجب العدواني. وأدار الأمسية الدكتور محمد البشيّر، عن طريق منصة زووم.

وافتتحت الأمسية، بعرض فيديو وثائقي عن سيرة ومسيرة الدكتور العدواني المصوّرة. ومن ثم بدأت المحاضرة بشرح لعنوان الموضوع والذي أعدّه العدواني كجزء من عنوان آخر هو طرائد وطرائق نقدية، ويقصد بالطرائد معالجة النصوص المستهدفة ودراستها نقدياً والكشف عن جودتها أو إن كان هناك تشويه بها، أما الطرائق فيقصد بها الأدوات والمنهجية.

الحوار النقدي و«الميديا»

وفي سؤال لمقدم اللقاء، الدكتور البشيّر حول الحوارات النقدية قديماً وفي ظل تواجد وسائل التواصل الاجتماعي، أشار الدكتور العدواني بضيق رقعة الاتساع في الحوارات النقدية قديماً، واتساع لهذه الرقعة بين النقاد والمبدعين في ظل تواجد الوسائل الحديثة. وأشار العدواني للتجربة الفريدة التي مر بها الحوار النقدي السعودي في الثمانينات.

وفيما يتعلق بموضوع التنظير، أشار العدواني إلى بطء الإيقاع في عالمنا العربي وذلك باعتماده على الإنسانيات في عملية السرد. وفي مداخلة على هيئة سؤال قدمه الروائي: جابر محمد مدخلي يقول: هل يمكننا يومًا رؤية مركزًا متخصصًا ومتفرغًا لتحليل ونقد السرد السعودي –وتحديدًا الرواية منه- بجميع نتاجه بعيدًا عن الانتقائية؟ كونه كما يراه مشروع طموح سيسهم بنهضة الرواية السعودية ويتمنى أن يرى هذا الحُلم محققًا ذات يوم؟

فأجاب الدكتور العدواني في ا لبدء بالثناء على تجربة مدخلي الروائية، وأسعده هذا الحرص منه كأحد روائيي المشهد السعودي، وأن مركزًا كهذا لا يوجد بهذه الدقة والمواصفات حتى الآن ولكن هناك وحدة السرد المتخصصة وهي عبارة عن غرفة صغيرة تدار بواسطة أشخاص قليلين تعنى بالكشوف المعرفية في علم السرد. وهم يقومون على دراسات وتحليل عددٍ من الروايات وهي بالفعل تستحق ذلك. ولكي يكون هناك مسح شامل، فيتطلب وجود مثل هذا المركز فعلاً ولأجل أن يوجد مركز متخصص كهذا فيتوجب الانضمام لوزارة الثقافة أو التعليم.

ثم تتابعت المداخلات، والحوارات فيما بين مدير الأمسية البشيّر الذي كان يمثّل حلقة الوصل فيما بين الجمهور المستمتع والمنتقل من خلاله إلى العدواني، وبدأها الدكتور منصف شعرانة من تونس الشقيقة في التنقل بين الفترات المختلفة من مدرسة إلى مدرسة، ومن تيار الحداثة إلى ما بعد الحداثة، وأنه قد أسهم إسهاماً جيداُ في تحليل النصوص وتأويل الخطاب. وأكد على عدم وجود علاقة بين المبدع والناقد. حيث أن الإبداع حركة مهاجرة عبر التاريخ، لا فصل لها ولا أصل لها عبر الزمان.

ومن ثم تحدث الدكتور جمال عطا بسؤال يتعلق بالافتقاد للحلقات النقدية. وأجابه العدواني معقباً على ذلك بأن الحداثة كانت جاذبة وكانت لديه دراسة بعنوان (الحداثة بساق واحد)، فعندئذٍ اشتغل النقاد بالشعر والقصة القصيرة وأهملوا ورقة الرواية، مع أنها تعبر كثيراً عن حركة المجتمعات. وأشار لبعض الأندية مثل نادي جدة الأدبي ونادي الباحة الثقافي في تحريك المشروع القرائي للرواية السعودية، وأنّ نادي الباحة سوف يفاجئ الجميع بما هو قادم عليه فيما يخص الرواية بشكل خاص، ولكنه لم يفصح كثيرًا حول ذلك الأمر.

ثم تداخل بعد ذلك الدكتور محمد منور شكر في البدء إدارة نادي جازان الأدبي وعلى رأسهم الأستاذ حسن الصلهبي، ولاحظ أن معظم المتداخلين حاصروا الدكتور العدواني في عملية السرد والسرديات. فأراد أن ينتقل بمداخلته الى الشعر والشعريات فسأل الدكتور العدواني عن نظرته لواقع الشعر العربي، فيما بعد الألفية الثانية، وهل استطاعت القصيدة أن تضيف منجزاً فنياً وجمالياً على ما تركه الرواد في قصيدة التفعيلة، وهل استطاع ا لشعراء إضافة تقنية جديدة لتطويرها مثل كسر وحدة البحر والقافية بعد هذه العشرين سنة الماضية؟ وهل واقع قصيدة النثر يبشر بتطلعات الرؤى الاستشرافية المستقبلية في الشعر وهل يمكن أن يعول عليها؟.

ليجيب العدواني على تساؤلاته: بأنه لا يمكن تقييم هذه التجربة في النصوص الشعرية لأنه ليس ناقداً متخصصاً في الشعر. وبالرغم من ذلك فهناك أعمال شعرية عربية تستحق القراءة ومتابعة النقاد لها.

وتتابعت المداخلات في شكل منظم ومنساب فتداخلت بعد ذلك الدكتورة سراب الصبيح وكانت عن عدم وجود مركز ثقافي عربي، وأنه حتى الآن لم يلتفت إلى هذا الأمر أحد .. يكون متخصصًا لحل المشاكل النقدية والدراسات الأدبية. وهنا أجاب الدكتور العدواني بصعوبة التواصل في الزمن الماضي وسهولة التيسير مع وسائل التواصل الاجتماعي. فالرد على أي سؤال أو طرح أي موضوع على الانترنت يأتيك فوراً. وأصبح يمكن القول بأن هناك لا مركزية في استيفاء المعلومات. فالمركزية موزعة هنا وهناك. كما أشار العدواني كذلك إلى وجود مراكز ثقافية بمصر والمغرب وتونس وعدداً من الدول العربية وهي تحضر وتقدم الصورة المبتغاة.

وتلى الدكتورة الصبيح مداخلة للدكتور صالح بن معيض قال فيها: أميل للتوفيق بين طريقة النقد القديمة للاستفادة من القراءات النقدية السابقة ومزجها بالقراءات الحديثة. كما أشار الى الخصومة بين النقاد والأدباء. وهي مفتعلة فيما بينهما، حيث أن هناك إرباكاً بين النقد والإبداع. وفي سؤال آخر وجهه للدكتور العدواني: متى يكون مدفوعاً بأن يكتب عن السرد القديم والمتعلق بالتاريخ ومتى يكتب عن السرد الحديث؟

وأجاب الدكتور العدواني بأنه لم يهجر الكتابة في السرد القديم، ولكن أين يكون المدخل لمعالجة هذه النصوص. على سيبل المثال كتاب تيجان وتهميش شخصية وهب بن منبه. وفيما يتعلق بآخر سؤال للدكتور صالح معيض والذي له صلة بسؤال الروائي جابر محمد مدخلي في بداية المداخلات عن المسح وعمل مركز ثقافي عربي للنقد ومعالجة النصوص، وافقه الدكتور العدواني بأن يكونوا مع بعض في هذا المركز متكاتفين مادياً، ومعنويًا، ومن جميع النواحي الأخرى.

ثم جاءت مداخلة الدكتورة حصة كانت حول كيفية أن يُؤسس الحوار في التجربة التي نعيشها الآن، أو بمعنى آخر كيف نطور العقلية الإيجابية في هذا الحوار؟ رد الدكتور العدواني بخلق مساحات وفضاءات واسعة من قبل الشباب والشابات. والمرأة السعودية اقتحمت العديد من المجالات.

ومن ضمن المداخلات جاءت مداخلة رائعة ومميزة من الأكاديمي وعضو مجلس الشورى البرفسور حسن بن حجاب الحازمي وكانت مناقشة حول مؤلفات العدواني وطرح خلالها سؤالين بهذا الجانب: – ما الفرق بين طرائق معجب النقدية في كتابه الأول والثاني، وطرائقه النقدية في كتبه الأخيرة؟ ثم جاء سؤال الثاني حول: ما الذي أضافته تجربة العدواني في بريطانيا، وهل غيرت طرائقه النقدية؟

ومن خلال رد العدواني اتضحت للجمهور مدى العلاقة الوثيقة بينه وبين زميله الحازمي وعمق الشراكة العلمية والأكاديمية بينهما، حتى على مستوى الجوائز التي يفوزان بها كانت مناصفة بينهما. وأما فيما يتعلق بالسؤال الأول فقد أجاب العدواني بأن بعض مؤلفاته يشعر بأنها أدت المطلوب منها وأنه يسعد بها في كل لحظة. وأما بعض الأعمال الأخرى فلا تؤدي نفس الغرض. ولا يمكن للشخص أن يقيّم ذاته من هذه الناحية. أما تجربته في بريطانيا، فأشار بأنها قد أكسبته الثقافة واللغة وحضور بعض الفعاليات المفيدة، وتوالت المداخلات حتى كان آخرها مداخلة ختامية للدكتورة أمينة الجبرين.

وفي ختام الأمسية، قال كلمة نادي جازان الأدبي حسن بن أحمد الصلهبي، حيث تساءل فيما يخص المشهد النقدي السعودي خصوصاً والعربي بشكل عام، وهل الدراسات الأدبية في الأقسام الجامعية قادرة على خلق نقاد جدد يُحتفى بهم فيما بعد، أم أن الموضوع فقط للحصول على الشهادة؟ وفي رد العدواني على الصلهبي، قال: أن هناك فرقاً بين الدارس والناقد. فالدارس هو باحث والبعض منهم قد يكون ناقداً، ولكن الناقد ليس بالضرورة أن يكون له علاقة بالجامعة .. فمعظمهم يعتمد على القراءات القديمة والحديثة.

وشكر الصلهبي، الدكتورين الفاضلين: معجب العدواني لاستجابته لدعوة نادي جازان الأدبي، وعلى هذه المحاضرة المثرية والثرية.. ومحمد البشيّر على تقديمه للقاء بهذا الأسلوب المتميز. كما شكر الحضور والمختصين من الأكاديميين. كما طلب منهم المشاركة في هذا الفضاء المفتوح لطلب المعرفة وفتح آفاق للتواصل المعرفي معهم في اللقاءات القادمة، ونوه على الجميع بدعوة مفتوحة لمحاضرة الأربعاء القادم بعنوان: “الرواية السعودية بين الإبداع والتلقي” والتي سيقدمها الأستاذ الدكتور: علي الحمود، أستاذ النقد الأدبي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *