الرأي

طائر الكوكو 2..البنك الدولي وصورة مخرجات التعليم في الخليج

حنان الحمد

كاتبة وباحثة في مجال الاستشارات التربوية والتميز المؤسسي

استكمالًا للجزء الأول من هذا المقال المنشور الأسبوع الماضي “طائر الكوكو 1“، تأتي على الضفة الأخرى برامج المنظمات الدولية وتقاريرها داعمة ومؤهلة وملمعة لشباب حكومات استراتيجية “الكوكو”، فمقالات بعض مسؤولي البنك الدولي الذين ينتمون لتلك الدول يكتبون وينظرون في أسباب نسب البطالة في دول الخليج ويرسخون لصورة ذهنية بضعف مخرجات التعليم لشباب الخليج – كذبوا ورب الكعبة – أيعقل أن يجتاز أبناؤنا كل الاشتراطات والمتطلبات في مدارسنا وجامعاتنا وهيئات التوظيف واختبارات قياس وغيرها ويبدعون في دول المشرق والمغرب ليأتي هؤلاء ليصدروا أحكامهم ويؤيدهم بعض أسرى المناصب ليقولوا بضعف مخرجات دول الخليج التعليمية والمصيبة يطرحون مخرجات تعليم دول استراتيجية الكوكو بديلا ! مالكم كيف تحكمون يا قومي! أيعقل أن يكون البديل مخرجات دول ترزح تحت وطأة الفساد الإداري والمالي وأخيرا الأخلاقي الذي تتناول قضاياه إعلامهم أو كما أظهرت الشهادات المزورة بأنواعها سواء أكاديمية أو خبرة عملية أو شهادات مهنية! الله أكبر أي رضا سوف يشعر به الشباب الخليجي المعطل الذي توضع له شروط يعجز عنها جني مصباح علاء الدين ليحصل على حقه في العمل داخل وطنه لتذهب كقطعة حلوى شهية لمن لا يستحقها من أبناء دول حكومات استراتيجية الكوكو.

تلك الحكومات تقبع في الدرك الأسفل في مؤشرات التنمية والنزاهة وغيرها كما تظهر التقارير الدولية، والتي عمدت إلى تتبع خطوات طائر الكوكو في تحمل مسؤولية توفير متطلبات الحياة الكريمة لمواطنيها لتقرر توزيعهم على دول العالم دون استثناء، تارة تحت مسمى لا يمت للجغرافيا ولا العلاقات الدولية بصلة ألا وهو (الحضن العربي) الذي لا يتذكره هؤلاء إلا لمصلحة حساباتهم البنكية أو تعويض عجز الخدمات في دولهم! والذي تذكرت دفئه الصحفية هناء حمزة عند إعلان ولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وفقه الله عن مشروع ” The Line” وتذكره سمير صفير عند البدء في إعطاء لقاح COVID19 للمواطنين والمقيمين في السعودية – وتارة تحت مسمى الاغتراب ليتغلغلوا في مفاصل المنظمات الدولية والشركات العالمية والدول العظمى ليوجهوا دفة العالم لصالحهم، وتارة تحت مسمى اللجوء علما أن دولهم لا تشكوا من شيء سوى “قل الدبرة” والفساد، وتارة تحت مسمى شراكة وهمية – التي تذكرني بطائر الكوكو – حيث تراقب مشاريع دول الخليج والشركات الأجنبية المحتملة لتسارع بإرسال مسؤولي الموارد البشرية لحجز مقاعد لعاطليها المعطلين بسبب سوء إدارتهم وتتخلص من حنقهم وغضبهم لتورط فيهم دول الخليج التي تنال كم السخط والحنق من مواطنيها المعطلين، تماما كما يزرع طائر الكوكو بيضه في أعشاش طيور أخرى تقوم بحضنها وتربيتها ولا تكتفي بهذا بل وتقتل بيضها وفراخها الأصليين! سبحان من علمهم كما علم قابيل دفن أخيه من الغراب، شراكة الندامة تقوم على طرف يبذل المال والجهد وافتتاح المشاريع ليسارع مسؤولو الموارد البشرية في تلك الحكومات لعقد اللقاءات مع الشركات الأجنبية المنفذة للمشاريع في دول الخليج لتتعاقد مع شباب دولهم العاطلين ولا يغيب عنهم أن يستعينوا بتقارير وطنية ودولية تفيد بضعف الشباب الخليجي وعدم مناسبتهم لسوق العمل!

الطمع!

إن الخلل النظامي في بعض الدول تسبب في بطالة مضحكة، فها هو الموظف المغترب في خليجنا الذي يتباكى لتضحيته بترك وطنه لأجل توفير حياة كريمة لأسرته وعملة أجنبية لحكومته – لتقوم بهدرها هنا وهناك ويزداد الفاسدون فيها ثراء – يتسبب في بطالة مضاعفة حيث أن القانون في وطنه يحجز له مقعده الوظيفي مقابل رسوم سنوية بالدولار ولا شيء غيره فيعطل توظيف مواطن في بلده عدا عن أخذه لمقعد وظيفي لمواطن في الدولة المغترب فيها! كيف يمكن التغاضي عن هذا الفساد والتعطيل؟ ومن ثم يخرج مسؤول من تلك الدول ليقول نفخر بالشراكة ولا أعلم مقومات تلك الشراكة التي تقوم على طرف واحد يبذل كل شيء ويضحي بوظائف مواطنيه في سوق العمل لصالح تلك الحكومات الكسولة التي تزداد كسلا وتتحول لكائن طفيلي يزرع يرقاته في شتى مراكز القوة والمال وينشر ثقافة الفهلوة والفساد والبقاء للأكثر استذكاء دون أن تحمل هذه الشراكة أي قيمة مضافة لخليجنا.

الدلال الدولي للمشرق العربي..

بعد كل هذا الشحن وإثارة سخط شباب الخليج والتبجح من أبناء حكومات استراتيجية الكوكو بأنهم الأفضل والأذكى، تأتي المنظمات الدولية لتمعن في تدليل شباب المشرق العربي والمغرب العربي والجنوب العربي دون أي التفاتة لأبناء الخليج العربي، فلا غرابة إذا ما تبين أن من يدير تلك المنظمات هم أبناء حكومات استراتيجية الكوكو، فها هو البنك الدولي بين فينة وأخرى يقدم برامج دعم وتنمية لا حصر لها ولعل آخرها كان مبادرة تنمية الارتقاء بالمهارات التي تركز على الابتكار في بناء المهارات الرقمية لدى شباب “المشرق العربي” حصريا – ليكون جاهزين لاحتلال وظائف مشاريع المستقبل في الخليج وغيره-، وهذا البرنامج مدعوم من مايكروسوفت وغيرها من المؤسسات الخيرية والتقنية العجيب أن أحد أهم الداعمين هو مؤسسة خليجية لم تفكر في أن تشمل أبناء الخليج في هذه المبادرة المهمة، وربما لو بحثت في أسماء من يديرون تلك المؤسسة وهذه المبادرة فلن أستغرب إن اكتشفت أنهم أبناء حكومات استراتيجية الكوكو وهذا سر الخلطة!

من أمرك! من نهاني!

لم ينجح ما يسمى “الربيع العربي” في زعزعة أمن دول الخليج وصمدت مجتمعاته في توحد كامل مع قياداتهم أمام تلك الهزة، والآن تعمد بعض الصحافة الدولية والعربية إلى إثارة حنق وسخط الشباب المعطل لإعادة الكرة، يجب أن يتنبه الجميع ويكونوا مدركين أن تغول الاحتلال الناعم لأبناء حكومات استراتيجيه الكوكو وسيطرتهم على الوظائف والمشاريع المستقبلية الواعدة قيادة وتنفيذا سوف ينتهي بها إلى مشاريع خربة ينخرها الفساد، هل سيتحمل المعنيون بملف البطالة والتعليم تبعات انسياقهم وراء تقارير مضللة ومستشارين أجانب كانوا ركيزة لمقالات تطعن في رأس المال البشري السعودي ليرددوا بأن مخرجات التعليم ضعيفة وأن شبابنا لا يناسبوا سوق العمل؟! هل يخطط أبناء حكومات استراتيجية الكوكو لدفع شباب الخليج للهجرة من بلادهم ليحتلوا أماكنهم ويستولوا على ميزاتهم المستحقة، لا لوم عليهم فلا يوجد من يردعهم ومن وراءهم.

المستقبل..

إن انتشار أبناء حكومات استراتيجية الكوكو وسيطرتهم على القرار المحلي والدولي لابد أن يقابله خطة استراتيجية خليجية لنشر أبنائنا في كل مكان وفي كل مطبخ قرار، لابد أن يخلعوا رداء الممول المالي فقط للقيام بدور المخ والعضلات في آن معا، لماذا لا نرى أثرا لأبنائنا في المنظمات الدولية أو مطبخ القرار الأمريكي أو الأوروبي أو إمبراطوريات الإعلام والتقنية العالميين! لماذا الحياء في أن يقولوا ها نحن ذا أبناء الصحراء التي تحولت إلى وجهة القاصي والداني، ها نحن ذا أبناء الصحراء التي قادت أقوى اقتصادات العالم.

آن لشبابنا الخليجي أن يدافعوا عن سمعتهم التي يحاول الرعاع تشويهها، آن لهم أن يتعلموا اللعب بالبيضة والحجر لحماية بقائهم ولوقف الاحتلال الناعم الذي قد ينتزع منهم مكتسباتهم وأهمها “الوطن”، فطائر الكوكو عندما يكبر ويربو سوف يطير إلى عش آخر ليعيث به فسادا ويتخلص من أبنائه وليستمر في تدمير كل ما هو جميل كما هي عادته.

لا يخدعنكم القوم بروابط وأواصر لا تتجدد إلا بتجدد المشاريع والمال، وإذا دقت الحرب طبولها كانوا أول المحرضين المنقلبين فلا ولاء ولا انتماء لطائر “الكوكو”.

ختاما الدفاع عن الوطن والمواطَنة حق لا يجوز العدول عنه وغير قابل للتفاوض تحت أي ضغط أو اتهام كاذب كالعنصرية أو الكراهية وغيرها فالشمس لا تغطى بغربال، ذكرني حال شباب الخليج في طقم فنجانين الضيوف عند الاعلان عن المشاريع أو في المحافل الدولية يستخرج من الادراج وبعدها يوضع على رف النسيان.

رد واحد على “طائر الكوكو 2..البنك الدولي وصورة مخرجات التعليم في الخليج”

  1. يقول أ د محمد اللحيدان:

    مقال أكثر من رائع لايقل عن جزئه الأول عمقا ودراية ووضوحا ونظرة ثاقبة ودراسة وتحليل وربط لا يجارى نابع عن حس وطني كبير وولاء منقطع النظير لقيادته
    وفقك الله ودمت أ حنان ذخرا وسندا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *