خربشة مغزى

“مشاهير علماء ورواد الحضارة العربية الإسلامية وأصولهم” – (الجزء الأول)

أحمد بن عبدالله الحسين

الحديث عن مشاهير علماء ورواد الحضارة العربية الإسلامية وأصولهم يتطلب ذكر ملاحظات وإشارات وعناوين عديدة قد تطول، ولطبيعة محتوى مقالات “خربشة ومغزى” نكتفي بالتالي:

التاريخ
حدثنا عن رواد وأعلام في عصر الحضارة العربية الإسلامية، كان لهم أثر وخبر في اختراعات وابتكارات تنوعت فيها العلوم والمجالات، أخذوا وتبادلوا المعرفة مع غيرهم من حضارات ترابط فيها الوصل والعطاء متجاوزا العِرق والجغرافية، مثل حلقات سلسلة تترابط فيما بينها، ويُعد تراكما إيجابيا ينمو عبر الأزمان، كما أنه عابر للشعوب والحدود وهو إرث للبشرية جمعاء.

الحضارات القديمة
حصيلتها تنوعت ونمت منذ فجر التاريخ في بلاد الرافدين وحوض النيل، وكذلك الكنعانيين (الفينيقيين) والإغريقيين ، وما امتد في العصر الهيليني والروماني، وما أضافته الصين والهند وفارس والأمم الأخرى عبرَ التاريخ كُلّ هذا نتاج بشري له اعتبار.

العلماء والمبتكرون
في ظل حضارة العرب المسلمين كغيرهم من البشر أخذوا وتعلموا ممن سبق، ودفعوا الأثر والامتداد لمن لحق، أي الأزمنة التي تلت ، ولا غرو القول إنهم أضافوا مع غيرهم لبنة أساسية لما شهدته مسيرة العلوم والابتكارات التي توجت عطاء القرن الثامن عشر ميلادي وما تلاه.

مشاهير العلماء والرواد
في عصر النهضة العربية الإسلامية حملت أسماءهم الأسفار، وإرثهم صدح في الأمصار، وأشاد بهم الغربيون والشرقيون.

ذاك ماضٍ عند العرب والمسلمين له نرجسية وجذب، وهو لم يمتد عبر القرون لأسباب ومسببات ذكرها يطول وخللها له تفصيل، والحقيقة التي تبقى أن الحاضر واستشراف المستقبل أمانة الأجيال، ودورهم فيه أن لا تقوقع في ماضوية مرت وانتهت.

التدليس
والتزوير وخلط الأفهام أحد آفات التاريخ، بُغية خطف إنجازات ومفاخر العلماء في ابتكاراتهم وإبداعهم لتُلصق بإثنية أو أمة.
والعرب المسلمون بما فيهم العلماء والرواد تعرضوا لاستهداف الشعوبية، وهي ظاهرة بدأت في أواخر القرن الأول الهجري، وزادت وتيرتها في العهد العباسي وما تلاه.

الشعوبية
حملت آفة التدليس وهي كما يقول الجاحظ في تعريفه: “أولئك يجمعهم العداء للعرب والاستطالة عليهم والحطّ من شأنهم”، لذا فإن الشعوبيين عبر التاريخ كُثر متعددو الميول والإثنيات أبرزهم : دهاقنة الفُرْس، وكثير من مشاهير كُتابهم وساستهم، والفردوسي صاحب الشاهنامة أحد الأمثلة الذي قال : “من شُربِ لبن الإبل وأكلِ الضبّ بلغ العرب أن يطمحوا في تاج الملك، فتباً لك أيها الزمان وسحقا”.
هدف الشعوبيون إلى تفريغ الحضارة العربية الإسلامية من مصادر فخرها، وزرع الشعور بالدونية لثقافتها، وتنسيب العلماء والرواد لغير العرب.

الفُرْس
لمن يقرأ التاريخ الماضي عنهم بتعمق وتحليل، يفهم أن ناشدوا أمجاد الفُرْس مارسوا دور الشعوبية في تراثنا، وامتهنوا الكذب والتزوير بادعاء معظم العلماء والمبتكرين الذين توجوا الحضارة العربية الإسلامية هم من أصول فارسية.

جدلية استحقاق الفُرْس
لتنسيب العلماء إلى عرقيتهم ذكرتها مرويات الشعوبية، بزعم خُراسان هي منبت العلماء والخُراسانيون فُرْس وامتدادها في إيران، وهذا مردود تاريخيا وجغرافيا عند الباحث والناقد.

خُراسان
الكبرى التاريخية الإسلامية هي جغرافية واسعة، تتعدد فيها العرقيات وتشاطرها بلدان متجاورة مختلفة، وما يقع في جغرافية إيران إلا خُمس خُراسان الكبرى.

خُراسان في العصر الإسلامي جغرافيتها تقع اليوم في عدة دول منها: جمهورية تركمانستان؛ حيث تحتل منطقة واسعة من جنوبها تعادل نصف مساحة الجمهورية، وأفغانستان حيث تشمل كل شمالها الغربي، وكذلك جمهورية اوزبكستان، وجمهورية طاجكستان وحدودها تمتد إلى حدود الصين، وهنالك أجزاء من خُراسان في جمهورية قرغيزستان.

أما خُراسان في إيران فهي ثلاث محافظات من مجموع ثلاثين محافظة، ضمن تقسيمات دولة إيران الحالية ومساحتها تقارب خمس أجزاء من مساحة خراسان التاريخية التي تتوزع في خمس دول أخرى.

أعراق خُراسان
في الأجزاء غير الإيرانية سكانها أغلبهم غير فُرس، وحتى خراسان الإيرانية نفسها تسكنها أكثر من قومية مع الفرس . هذه الأقوام غير الفارسية تتحدث لغاتها الخاصة بها وهم: بلوش وبشتون وأوزبك وبعض الأتراك بالإضافة إلى الفرس.

جمهورية أوزبكستان الحالية
والتي كانت موطنا لكثير من مشاهير علماء المسلمين أغلب شعبها أوزبك، ثم تتار وقزخ وطاجيك وروس. وهذا يعني أن العلماء المسلمين التي تفتخر أوزبكستان وتضع صورهم على طوابعها وأوراق عملتها ليسوا فُرْسا. أوزبكستان ليس لها حدود مع ايران؛ اذ تفصل بينهما جمهورية تركمانستان.

الحضارة العربية الاسلامية
عند الدارسين، تتميز بأنها وفرت البيئة ورعت العلماء والرواد دونما تفاضل بينهم، وأن هنالك الكثير من هؤلاء العلماء عرب أنجبتهم أرض الرافدين والجزيرة العربية والشام و مصر وإفريقيا والأندلس وغيرها.
وكانت بغداد ودمشق والقاهرة والمدينة المنورة وقرطبة وغرناطة وتونس، من حواضر دولة المسلمين الكبرى.
هؤلاء العلماء العرب أخذوا من غيرهم، وتتلمذ على أيديهم الكثير بما فيهم غير عرب الذين أخذوا العروبة بالمربى؛ حيث أصبحت اللغة العربية لغتهم لتميزها وتفوقها بل ولغة التأليف والتدوين للعلوم عندهم.

أصول العلماء والرواد
نتناول منهم غيض من فيض ، نذكر اختصارا ترجمة لهم وما تميزوا به.
الهدف من الطرح هو تثاقف وبث وعي دونما عصبية أو تفضيل لأي من الأعراق. وهذا ما سيأتي في مقال الجزء الثاني السبت القادم بإذن الله ، والتي فيها انتقاء أمثلة لتسعة عشر (19) من وافر عديد رواد حفلت بهم المدونات ولهم شهرة ممتدة لزماننا… تابع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *