خربشة ومغزى

“الوَطَنْ”

أحمد بن عبدالله الحسين

الوطن
يُلهم قرائح الشعراء
ولحمايته الروح تُقدم فداء
والمنابر تدعو بالانتماء
والمخلصون له تراهم
يبذلون العطاء
والطيبون فيه يرفعون الدعاء
ولأهل الولاء ، الوطن شَمَم وإباء

الوطن
خلجاته تحتضنها النفس والروح
كصورة في مرآة تتجلى في الباطن
وجلاء هذه المرآة
تُظهر نصوع الصورة
وإذا فقد الإنسان المشاعر لوطنه
انطبع إعتام يطمس صورة الخلجات
وبهذا المعنى
نرى من توَلَه وانتمى لوطنه
يرى صورة متجلية على مرآة ذاته

الوطن
تراه مثل الغصن
يحمَّلَ أثْمَاراً تَواضَعت وانْحَنت
ليعلو صدى آحاد مواطنيه
بالقول
إني لتطربني الخلال كريمةً
طرب الغريب بأوبِة وتلاقِ
ويهزني ذكر المروءة والنَدى
بين الشمائل هزّةَ المُشتاقِ
هكذا لمن عرف وطنه
وأخلص في انتمائه

الوطن
يتماثل للمواطن بكمّه ونوعه
كأنه فسيفساء تُطرز جمالاً بهياً
انتضِدت فيه ألاقاليم والمدن
كعقد تلألأ في طَّوْقه
وكأنك تسمع إيقاعا وتناغما وتجانسا
بين مناطقه حبا وعطاءا

ولهذا يقول عن الوطن الشاعر والأديب المصري المُتوفى عام 1937م مصطفى صادق الرافعي :

بلادي هواها في لساني وفي دمي
يمجدُها قلبي ويدعو لها فمي

ولا خيرَ فيمن لا يحبُّ بلادَهُ
ولا في حليفِ الحب إن لم يتيمِ

ومن تؤوِهِ دارٌ فيجحدُ فضلها
يكن حيواناً فوقه كل أعجمِ

ألم ترَ أنَّ الطيرَ إن جاءَ عشهُ
فآواهُ في أكنافِهِ يترنمِ

الوطن
بيت كبير لأبنائه
يربطهم الانتماء والولاء له
وهو المكان الذي تستريح فيه النفس
وتأوي إليه الروح

الوطن
الأرض الرحبة التي نحيا فيها
ونموت ونُدفن فيها
الشوق لا ينتهي معه
والغائب عنه يتوق شغفا
لترابه وأهله

الوطن
ليس كلمة عابرة
إنما خلجاته فطرية
تنبض بالحب والحنان
كمثل رضيع مع أمه
كلما كبر تعلق أكثر
وتشدوعنده أسرار الوفاء
والانتماء
أهل اللغة قالوا في الوَطَن :
هو بلد الآباء والأجداد
والمقر وإليه الانتماء
حتى لتقول :
وطني لو شغلت بالخلد عنه
نازعتني إليه في الخلد نفسي

احتفالية لحمة الوطن
الذي توحدَّ وخُطَّ أسمهُ
مُرفرِفاً براية تحملُ تمجيدا وتوحيدا
لها تُجذّر وتذَّكر
تمتد على مساحة الزمن
وتشمل سماءه وهواءه
ووسطه وأطرافه
شماله وجنوبه
وشرقه وغربه
وأهله وساكنيه

الوطن
سقف تذوب تحته
كلُّ التباينات
والمنافسات والأهواء
والمزايدات
الوطن له شجن ولحن
نحميه إذا ادلهّمت الْفِتَن
لأنه ملاذ وَمَكَن
ولكبريائهِ الروح تَهَن

الوطن
وصيةٌ تؤتمّنْ
هو بدرٌ إذا الليل جَنّ
وقبلة الساجدين فيه عِبرَ الزمن
وهو مهد الأنبياء والسَّنن

هكذا هي مملكتنا الحبيبة
وطن يجمعنا ونفتخر به

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *