عناوين

مهلاً رمضان

هدى الناصر

كاتبة وقاصة

نعيش بروحانية أعلى في هذه العشر الآواخر
مزيج من دعاء و شكر ، و ربما عفو و صفح عمن أضرّنا بكلمة أو موقف .

من المحببِ ترديد قول نبي الأمّة (اللهم إنك عفوُ تحب العفو فاعفُ عنّا ) في الشهر الموصوف بـ { أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ }
و حتى لا نُفرغ الدعاء من معناه ، نحن بحاجة إلى عفو إجمالي مُعجَز .. أولها الإقرار بالذنوب مع أنفسنا ، بلا غرور أو تبرير { فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ }
كيف نطلب العفو ، إن لم نحدد أخطاءنا و نتذكرها ؟!

و لأن { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } .. إذًا نحن بأمس الحاجة إلى عدم جلد الذات، هي أهم من نعفو عنه ، لنكون كفوءًا للمسامحة عمن ظلمنا
يقول المتنبي :
وَما قَتَلَ الأحرارَ كالعَفوِ عَنهُمُ **
وَمَنْ لكَ بالحُرّ الذي يحفَظُ اليَدَا ؟

بحاجة للشجاعة لطلب المسامحة ممن أُسيء إليه لحظة غفلة و عدم مراعاة له ،
لكن الإعتراف يُقاس بإختلاف الطبائع مع التقدير لها ..
فربما تسوء الأمور أكثر ، حين يُردّ العذر و تُزاد الغلّة بالسخرية أو التعدي !
فيُكتفى بالدعاء لهم بظهر الغيب ، لتصفو القلوب { لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا }

و الإنتباه ألاّ يكون عدم طلب الصفح ، هي الصورة الخارجية { وَ قَد خَابَ مَنْ دَسَّاهَا } .

أحيانًا تأتي الإساءة امتحان لصبر و عِظَم أجر ، لأن المُساء إليه قدوة و مضرب مثل ..
من أعظم الأمثلة – لو تفكرنا بها – هي قصة أبي بكر الصديق رضي الله عنه حين تعرضت ابنته عائشة رضي الله عنها للقذف من المنافقين و ندرة من المؤمنين كالصحابي ” مُسطح بن أثاثة ” ابن خالة الخليفة .
غضب الصّديقُ منه ، و منع العطاء عنه ، و كان كفله مند الصغر ، و أنفق عليه ..
امتحانٌ للعفو فكيف يُطيق ؟!

لم يستطع قلبه الرؤوم بإبنته الصفحَ عن ابن خالته حتى بعد تبرئتها في قوله تعالى { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيم }

فرح بالبراءة و إن ظلّ غاضبًا على قريبه ، حتى نزل قوله تعالى :
{ و لا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } ..

هنا أحسّ صاحب رسول الله بأنه المقصود بالآية الكريمة ، أجهش بالبكاء كثيرًا حزنًا على الحال كله ، ثم قال : ” بلى أحبُّ أن يعفو الله عني ”
عاد للإحسان كما كان ،
في تجربة أحتاجت للعفو و قوة إيمان ..

ماذا نملك نحن ليعفو عنّا الله جلّ في عُلاه ؟

3 ردود على “مهلاً رمضان”

  1. يقول حنان محمد القحطاني:

    فمن عفا وأصلح فأجره على الله
    مقال جميل يكسوه عظمة العفو والتي جل من يمتلكها فهو الاعظم

  2. يقول هدى البقمي:

    العفو من شيم الكرام ،ومن وجهة نظري ان العفو و الصفح عن من اساء الينا رزق من الله فليس الجميع يستطيعه ،موقف الصديق رضوان الله علية خير مثال على ان الانسان ضعيف امام الظلم
    يارب اعطينا القدرة على السماح والعفو والقبول
    شكراً هدى بارك الله فيك وفي قلمك درر ولألى ماتنثرين هنا

  3. يقول نوال ناصر الناصر:

    جزاك الله الف خير يا ام الوليد، مقال اكثر من رائع لامس مشاعري في هذه الليالي الفضيلة الله يعفو عنا ويعفو عن من ظلمنا ويتقبل منا صالح الاعمال يارب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *