أتعاب المحاماة في أروقة المحاكم

مركز الدراسات والاستشارات القانونية في جامعة الملك فيصل
نوف الفايز - متدربة في مركز الدراسات والاستشارات القانونية في جامعة الملك فيصل

لم تكنّ مهنة المحاماة معروفة في تسعينيات القرن الهجري الماضي، ولم تكن معروفة في المملكة ومصرحاً بها إلا في حدود ضيقة تحت سقف المادة 63 ( مهنة الترافع عن الغير) من نظام تنظيم الأعمال الإدارية في الدوائر الشرعية الصادر عام 1372هـ. وقد كانت وزارة التجارة تمنح ترخيص يسمى “ترخيص مزاولة مهنة الاستشارات القانونية” لحملة البكالوريوس في الحقوق.

ولم تنظم المملكة نسق سير المحامين إلا مؤخراً بإنشاء نظام المحاماة السعودي وهيئة المحامين، وهكذا اكتملت المنظومة العدلية لممارسة مهنة المحاماة، لكن هناك ثغرات نحاول في هذه المقالة تسليط الضوء عليها مثل أتعاب المحاماة.

من المتعارف عليه أنه يُلجأ الى العرف في مسألة الأتعاب فعلى الصعيد الوطني والعالمي، لم يتم تحديد نسبة الأتعاب، مما يسبب إشكالية لدى بعضهم، وهناك طريقتين لاستيفاء المحامي لأتعابه: إما ان يتحملها الخصم في القضية، أو يتحملها الموكل بحسب الاتفاق.

نأتي إلى الوضع الحالي في قطاع المحاماة نصت م/ 26 من نظام المحاماة على “تحدد أتعاب المحامي وطريقة دفعها باتفاق يعقده مع موكله فإذا لم يكن هناك اتفاق أو كان الاتفاق مختلفاً فيه أو باطلاً قدرتها المحكمة التي نظرت القضية عند اختلافهما، بناءً على طلب المحامي أو الموكل بما يتناسب مع الجهد الذي بذله المحامي والنفع الذي عاد على الموكل ويطبق هذا الحكم كذلك اذا نشأ عن الدعوى الأصلية دعوى فرعية”.

ينظر إلى الأتعاب من خلال مسألتين: طريقة المطالبة؟ سعر الأتعاب وطريقة دفعها؟

طريقة المطالبة تكون في ذات الدعوى أو برفع دعوى جديدة (مطالبة بأتعاب محاماة)، والنقد في الثانية وجود إطالة مجهدة وإشغال للجهاز القضائي، أما الجهة المختصة للمطالبة بحسب الأصل في نظام المحاماة م/28 “المحكمة ناظرة الدعوى الأصلية”، أما اذا كانت غير منظورة أمام محكمة بل جهة فينظر فيها أمام المحكمة المختصة نوعياً حسب مواد الاختصاص في نظام المرافعات الشرعية، تحديد قيمة الأتعاب يكون بحسب معايير معينة منها: سعر السوق، والحكمة حتى لا يعطى سعر يتجاوز المنطق فتتأتي امام القاضي لن يحكم لك به، أو تعطي سعر منخفض فتبخِس جهدكَ حقه، كذلك الجهد المبذول وموعد انتهاؤه ومدى رغبتك كمحامي في القضية أو عميل بهذا المحامي!

فالرغبة تخلقُ الحماس وتشعل الروح أيضاً خبرة المحامي والنتيجة المتحصلة من طائل القضية وأهمية العميل؛ فهناك عميل متكرر وعميل لن تراه مجدداً، القضية قد تحرمك من قضايا أخرى مثل من يتمسك بالدفاع عن شركة فلا يمكنه الدفاع عن ندها، طريقة دفع الأتعاب بحسب الاتفاق (أنتَّ حُر) إما مقدماً، أو مشروطاً بكسب القضية، أو مقسم على مقدم ومؤخر…

أختمُ رسالتِي من هذه المقالة باقتباس من كتاب رسالة المحاماة للكاتب رجائي عطية، يقول الكارهون للمحاماة أو المتجنون عليها او الجاهلون بحقيقة دورها ورسالتها: “إن المحامِي أجير صناعته الكلام.. يتساوى لديه أن يدافع عن الحق أو الباطل ما دام يتلقى أجراً” لا تكن أجير صنعتك عبداً للفلس والريال ضميرُ المحامِي! أرقى مراحل السمو في فهمي للمحاماة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *