الرأي , رياضة

لعبة وشعب 1-3

محمد العمري

كاتب رياضي

هي موطن كرة القدم، ومنجم المواهب، والأكثر تتويجاً بكأس العالم، وهي أرض يصل فيها عشق كرة القدم إلى مستوى القداسة، فهي كالأم التي تحتوي أطفالها منذ طفولتهم، وكالأب الذي يفتح لأبنائه أبواب الرفاه عندما يكبرون، وفي حين أن مسقط رأس الرياضة الحديثة هو إنجلترا، فإن هذه البلد هي المركز الروحي لهذه الرياضة.. إنها البرازيل. وفي مقالات ثلاث سوف أسلط الضوء وأذكر بعض المفاجآت والمعلومات عن كرة القدم البرازيلية والتي تغيب عن الجمهور بسبب سطوة التمريرات الساحرة وجاذبية الأهداف الجميلة وجماهيرية الأسماء البرازيلية.

البرازيل التي كان فريقها محبوباً في كل الأزمان ولكل الأجيال وهو الوحيد الذي لعب في جميع بطولات كأس العالم منذ إنطلاقها في ثلاثينيات القرن الماضي، وفاز بخمس منها، فقد أتقن النسخة التي اخترعها الإنجليز، وإخترع نسخة ولغة أكثر شاعرية وأكثر مرونة في اللعبة، ولكن هل تاريخ كرة القدم في البرازيل جميل مثل هذه الإطراء، أو مثل لعبهم؟

هذا الأمر قادني إلى البحث حتى وصلت إلى نتيجة مفادها أنه بينما صنعت البرازيل كرة القدم الحديثة، فإن تاريخها في اللعبة على الصعيد الشعبوي وصعودها إلى قمة ورأس قائمة إهتمامات الشعب قد يصيبك بالصدمة.

بدأت كرة القدم في البرازيل (وفي جميع أنحاء أمريكا اللاتينية) لحظة إنشاء الدول القومية الحديثة، في أواخر القرن التاسع عشر، ونتيجة لذلك، فقد ربطت الروايات التاريخية -التي صاغها البرازيليون عن أنفسهم- التي دعمت الأمة الناشئة عن كيفية مساعدة كرة القدم في ربط البرازيل معًا في بلد واحد في أوائل القرن العشرين، ولعبها دورًا رئيسيًا في دمج المنحدرين من أصل أفريقي في النظام السياسي.

وصلت كرة القدم إلى البرازيل في تسعينيات القرن التاسع عشر، وجلبها عمال بريطانيون وشباب أنجلو-برازيليين كانوا عائدين من الدراسة في إنجلترا. في البداية لُعبت في النوادي الاجتماعية النخبوية مثل نادي ساو باولو الرياضي، وسرعان ما انتشرت بين عامة الجماهير، وبحلول العقود الأولى من القرن العشرين كانت بالفعل الرياضة الأكثر شعبية في البلاد.

تشير معظم تواريخ كرة القدم في أمريكا اللاتينية إلى “ولادتين” منفصلتين، الولادة الأجنبية التي تميزت بوصول الرياضة وهيمنة فرق المغتربين، والولادة الوطنية، عندما بدأ الشباب المحلي في التغلب على الأوروبيين في لعبتهم، ولكن هناك ولادة ثالثة وهي عندما دخل البرازيليون من أصل أفريقي الى اللعبة بأعداد كبيرة.

لعب أول برازيليين من أصل أفريقي في أندية كبرى في 1910م (آرثر فريدنريتش، وجواكيم برادو، وغيرهم)، لكن إدراجهم كان مثيرًا للجدل حيث قام فريدنريتش (بفرد) شعره ليظهر كأنه ناعم، بينما وضع الآخرون مسحوق الأرز في محاولة لتفتيح بشرتهم.

خلق الاندماج الأفرو-برازيلي توترات سياسية أيضًا، فالعبودية انتهت في عام 1888م، ولم يتم اعتبار البرازيليين من أصل أفريقي جزءًا كاملاً من الأمة، كما أنهم لم يكونوا موضع ترحيب في الملعب، وكان أول فريق مختلط يفوز ببطولة الدوري في البرازيل هو فريق ريو فاسكو دا جاما، في عام 1923م.

وفي العام التالي غير الدوري القوانين بحيث لم يعد النادي مؤهلاً للعب، وعلى الرغم من أنه بحلول عام 1925م عاد نادي فاسكو إلى القمة، ولكن مكان البرازيليين الأفارقة في كرة القدم والمجتمع البرازيلي على نطاق واسع بالكاد كان مقبولاً.

وفي المقالين القادمين، سأذكر مزيدا من التفاصيل المفاجأة عن تاريخ هذه اللعبة، وبالذات الانقسامات العرقية في كرة القدم البرازيلية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *