الرأي , سواليف

الزوجة الثانية.. مرجلة أم هجولة؟!

محمد البكر

كاتب وصحفي سعودي، نائب رئيس التحرير السابق في صحيفة (اليوم) السعودية، معلق رياضي سابق.

لا يمر أسبوع علي إلا ويصلني مقطع تطالب فيه إمرأة بتعدد الزوجات . تارة تكون المطالبة من سيدة سعودية ، وتارة أخرى من إحدى الدول العربية . مما يعني أن القضية ليست مرتبطة بمجتمع دون غيره .  بعضهن يظهرن في تلك المقاطع وهن يتوسلن الرجال لإختيار التعدد . حتى بات الرجل منا يدخل بيته وهو يشعر وكأنه سي السيد ، وأن النساء يقفن بالدور ينتظرن إشارته . بل أنني تخيلت الزوج وهو يدخل بيته وكأنه لاعبنا الدولي الخلوق أحمد جميل وهو متجه لتنفيذ ضربة جزاء بحركته المميزة . كل ذلك بسبب تلك المقاطع التي تظهر فيها  النساء وهن في موقف الأنثى الضعيفة المحتاجة لرجل أيا كان .

أتفهم تماما مشكلة العنوسة التي تضرب بالكثير من فتيات المجتمعات العربية ، لكن يجب ألا يصل الأمر لهذا التصعيد، لأن فيه إهانة للمرأة مهما كانت احتياجاتها . وحتى إذا كان التعدد مباحا كما أجازه الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه ، فإن هناك أيضا شروط يجب الإنتباه لها قبل الترويج لتعدد الزوجات . فالقضية وإن كانت حاجة لبعض من لديهم ظروف خاصة ، كمرض الزوجة ، أو الرغبة في زيادة النسل ، أو غيرها من الأسباب المنطقية . فإنها ليست سلعة تشتريها من أقرب بقالة .

صحيح أن تعدد الزوجات يساعد في استمرار حياة الأسرة ” في بعض الحالات ” التي تتوجب ذلك ، إلا أن هناك حالات أخرى تتسبب في تهديد كيان الأسرة وتشتت أفرادها . فمهما حاول الأب إحداث التوازن بين الزوجة القديمة وأطفالها وبين الزوجة الجديدة ، فإن القديمة مع أبنائها يرفضون ذلك الزواج مهما كانت مبرراته ، مما يتسبب في تصدع الأسرة وتفرقها . ويكفي أن العرب أطلقوا على الزوجة الثانية “ضرة” ، مما يرجح أنهم قصدوا ما تحدثه تلك الزيجة من ضرر للزوجة الأولى وأبنائها .

هناك أبحاث ودراسات متعددة ، تؤكد أن الزوج المتعدد أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب بمعدل أربعة أضعاف من الحالات الأخرى للمتزوجين من زوجة واحدة . فقد أثبتت تلك الدراسات أن المتعدد يفتقد للرومانسية والحب وللإستقرار النفسي مما يؤثر على حياته .

قلت في البداية إن ديننا الحنيف أحل للرجل مثنى وثلاث ورباع ، لكن ومع ذلك ومن وجهة نظري فإن الرجل المعدد ” بلا سبب مقنع ” ،  هو رجل أناني لا يقدر معاناة زوجته الأولى ولا معانات أطفالها الذين قد يصابون باضطرابات نفسية قاسية عند زواجه على والدتهم . ناهيك عما قد تشعر به الزوجة من نيل لكرامتها ، الأمر الذي قد يدفعها لطلب الطلاق . وحينها تتشتت الأسرة ويضيع الأطفال بين حضانة الأم وحاجتهم للأب .

هذا المقال – حتما – سيغضب المطالبات بالتعدد ، بينما سيعجب المتزوجات ، ومن بينهن أم فجر التي تقرأ مقالاتي قبل النشر وتجيزها . أما الرجال الذين يمنون أنفسهم بحياة جديدة مع الزوجة الثانية ، فعليهم أن يتذكروا ما ستتعرض له قلوبهم من أوجاع ، وما سيحل بأسرهم من ضياع . ولكم تحياتي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *