الرأي , سواليف

خر الذيب وزينب سليماني

محمد البكر

كاتب وصحفي سعودي، نائب رئيس التحرير السابق في صحيفة (اليوم) السعودية، معلق رياضي سابق.

في قصيدة مخجلة لا ينظمها إلا مرتزق شحاذ ، قصد “خر الذيب” ممتدحا الإرهابي قاسم سليماني . فرد عليه النشامى بعشرات القصائد التي تفضحه كشاعر مأجور . القصيدة الفضيحة وما جاء فيها ليست بيت القصيد في هذا المقال . فلست بشاعر ، ثم أن الردود على قصيدته ، أعادته لمكانه وحجمه الطبيعيين .

ابنة الإرهابي قاسم سليماني ” زينب ” بكت على أبيها ، وبكاؤها طبيعي حتى لو كان ذلك الأب مثل “هتلر” في زمانه . بل حتى لو اتفق العالم المتحضر على أنه مجرم فاسق تلطخت يديه بدماء الأطفال والنساء وكبار السن ، فهي تنظر إليه كأب حنون عطوف . هذا شأنها … ولكن عليها أن تسمع الحقيقة المرة التي سيكتبها التاريخ عنه .

يا زينب سليماني … هناك في سوريا مئات الآلاف سقطوا قتلى جراء عصابات والدك . منهم عشرات الآلاف من الأطفال والنساء ، ومنهم المدنيون الذين شاء القدر أن يتعرضوا لتلك المجازر التي كان يشرف عليها أباك . ناهيك عن ملايين السوريين الذين هجروا من ديارهم حينما مارس لعبة التطهير العرقي ، وما نتج عنها من تهجير قسري للمدنيين بعيدا عن قراهم ومدنهم ووطنهم ، فهاموا بعجائزهم وأطفالهم ونسائهم على وجه الأرض . جزء منهم بات في مخيمات اللاجئين ، وجزء آخر هاجر بحثا عن الأمان ، وجزء ثالث إما مات غرقا على قوارب الموت ، أو قبع في سجون كالمقابر . ربما تعرفين جيدا ما حدث بعد الحصار الوحشي لمدينة حلب عام 2016 ، وما حدث من قتل جماعي ، وتهجير لأكثر من 400 ألف سوري بأوامره .

وفي العراق أشرف بشكل شخصي على تأسيس مليشيات التعذيب والقتل والتهجير ، وزرع الفتنة بين الأخوة السنة والشيعة . فظهرت ميليشيات سيئة السمعة مثل عصائب أهل “الزور” التي ارتكبت مذابح ضد السكان المحليين في عدد من المدن بعد فرار إرهابيي داعش منها ، وغيرها من الميليشيات الطائفية التي عذبت وقتلت الكثير من العراقيين الأبرياء ممن يخالفونهم الرأي والقرار والمذهب .

إن أباك يا زينب هو عراب مجزرة جرف الصخر عام 2014، وهو الذي حول لبنان الجميلة بثقافتها ونورها الأدبي وتاريخها العريق إلى دويلة يسيطر عليها حزب يتاجر بالمخدرات في البقاع لا يتورع عن القتل وترويع الآمنين . وهو الذي أستعان بتاجر مخدرات مكسيكي لقتل معالي عادل الجبير في اكتوبر 2011 في واشنطن عن طريق تفجير مطعم ” ميلانو” الذي كان يرتاده الوزير . غير مكترث بأن التفجير كان سيقتل أيضا عددا كبيرا من مرتادي المطعم ومن المارة .

لقد مزق أباك نسيج المجتمعات العربية في العراق واليمن وسوريا ولبنان ، وخلق الفتنة في البحرين ، وزرع الخلايا المتطرفة الموالية لإيران في الكويت ، وأشرف على الكثير من عمليات التفجير والقتل والتهجير في المنطقة وحول العالم .. وما هذه الحقائق إلا جزءا بسيطا من الحقيقة الكبرى التي يجب عليك إدراكها أولا ، والإعتذار عنها نيابة عن والدك المجرم ثانية . فوالدك ليس كما وصفه ” خر ” الذيب في قصيدته المدفوعة الأجر والملطخة بالمهانة والمذلة . ولكم تحياتي.

رد واحد على “خر الذيب وزينب سليماني”

  1. يقول عبدالله الزغيبي:

    لافظ فاك مقالة رائعة كصاحبها…. كشاهد على العصر أوجزت ففصلت ومررت على كل الأحداث الآليمة نعم ستبقى ليس فقط في التاريخ الأسود بل حتى القلوب المحترقه لن تغفر ذلك… وهناك مثل شعبي يقال ( بيت الفأر مافيه طاهر).
    شكراً لطرحك الجميل…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *