الرأي , سواليف

الأحساء.. والتحدي الصعب

محمد البكر

كاتب وصحفي سعودي، نائب رئيس التحرير السابق في صحيفة (اليوم) السعودية، معلق رياضي سابق.

في كل المقالات السابقة والتي كتبت فيها عن الأحساء ، لم أتطرق لأي سلبيات قد تساهم في تقليص مكانتها السياحية . لم يطلب مني أحد ذلك ؛ إنما لإيماني بأن من حقها علينا أن نساهم في دفع العجلة لتصبح هذه الواحة إحدى أهم المحطات السياحية في المملكة . إلا أنه ومن خلال زيارتي الأخيرة لها ، وتماشيا مع المثل الشعبي الشهير الذي يقول “صديقك من صدقك لا من صدقك” ، فلا بد لي من مصارحة كل الجهات المعنية بما رأيته من ملاحظات .

الأحساء لها مكانتها التاريخية والثقافية والسياحية ، واختيارها لتكون عاصمة للسياحة العربية ، عزز تلك المكانة وساهم في تنمية العوائد السياحية لها . فهي تضم عددا كبيرا من القصور التاريخية الأثرية ، والتي تمثل أحد أهم محاور الجذب السياحي للزائرين ، ناهيك عن احتضانها لأكبر وأشهر واحات النخيل الطبيعية في العالم . حيث تضم أكثر من 3 ملايين نخلة منتجة لأجود أنواع التمور . ليس هذا فحسب ، بل إن لها موقعا استراتيجيا وتاريخيا كونها صلة الوصل بين الحضارات القديمة منذ آلاف السنين ، وهو ما أهلها لتكون ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي “اليونسكو” .

ولكن … هل واحة الأحساء جاهزة لتكون فعلا عاصمة للسياحة العربية ؟! أقصد هل تتوفر البنية التحتية التي تساعد على ترجمة الأقوال إلى أفعال مقنعة لمن يريد زيارتها سواء من الداخل أو الخارج ؟! . الجواب بالنسبة لي (لا) . فهذه المحافظة بحاجة لجهود كبيرة من كافة الجهات المعنية . ولعل الذي يمر بالطرق الزراعية التي تأخذه لمناطق سياحية هامة مثل جبل قارة على سبيل المثال ، سيجد صعوبة في ذلك . فالطرق المرتبطة بالقرى بحاجة لخطة تطويرية شاملة ، ولمشاريع كبيرة سواء لخدمة السياحة أو لخدمة أهالي تلك القرى . فالوضع الحالي لتلك الطرق أكثر من سيء ويشكل خطورة على سالكيها .

ثم … كيف نحتفل بواحة الأحساء كعاصمة للسياحة العربية وكل الطرق المؤدية إليها غير ملائمة ؟! . فإن كنت قادما براً سواء من الظهران أو من غيرها فالطرق سيئة وحفرياتها مزعجة وتحويلاتها متعددة . وإن حاولت اختيار الطريق الدولي من شاطئ نصف القمر المؤدي للعقير فهو أسوأ . أما إن كنت زائرا من خارج المنطقة أو من خارج المملكة ، فلا رحلات مباشرة من و إلى مطار الأحساء إلا ما ندر .

نحن لا نريد احتفالا يجعلنا ندس رؤوسنا في التراب عن المشاكل الفعلية ، كما لا نريد أن ننافق ونقول بأن كل شيء على ما يرام . بل نريد مواجهة من يهمه الأمر في محافظة الأحساء بالمعوقات التي سيواجهها من يفكر بزيارة الأحساء والتمتع بالسياحة فيها . فلعل في تلك المواجهة ما يشجع الأمانة وهيئة السياحة والغرفة التجارية والنقل لمواجهة تلك الملاحظات والعمل على حلها . فالأحساء بوضعها الحالي تحتاج لميزانية ضخمة ولمخصصات استثنائية إن أردنا بنية تحتية مستدامة . ولكم تحياتي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *